المكان: الكويت
الزمان: أكتوبر 1990

عندما احتلت القوات العراقية دولة الكويت، كان في ذهن المُخططون الإستراتيجيون لهذه العملية، أنهم سيبتلعون الكويت خالية من السكان، فالكويتيون مقتدرون مالياً، ويغادرونها إلى أي مكان في العالم يريدونه، أما غير الكويتيين منهم الذين يعيشون فيها من كافة دول العالم، فيغادرونها إلى بلدانهم الأصلية، وتبقى الكويت خالية من السكان، وبالتالي لن تكون الكويت عبئاً عليهم، لا في الحرب ولا في السلم، لا بل ستكون رافداً لهم.

لكن حساب الحقل، ليس كحساب البيدر، فقد نسوا أو تناسوا الفلسطينيين المقيمين على أرض الكويت، وبهذا يكون قد انقلب السحر على الساحر، وفوجئ الحاكم الإداري آنذاك بالمرتبات العالية التي سيدفعونها للناس، وخاصة الفلسطينيون منهم، فسأل من حوله عن الحل فكان الجواب: علينا تصوير العملة العراقية، ودفع رواتب الموظفين في الكويت من العملة المصورة، وهذا ما حصل فقد دفعوا لنا مرتباتنا ورقاً مُصوراً عليه صورة الرئيس صدام حسين، صنعت خصيصاً لمن كان يسكن في الكويت في ذلك الوقت، أما هذه الأوراق المصورة ما أن تضعها في جيبك يوم أو يومان حتى تصبح بالية.

ومن هذا الورق المصور، دفعوا لنا ثلاثة مرتبات، هي سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر، وماطلوا في دفع مرتب شهر ديسمبر، إلى حد أننا لم نعد نطالب به، بعد أن تعبنا ويأسنا من المطالبة، وألغوا مرتب شهر يناير بحجة الحرب، وأصبح في الكويت عملتان عراقيتان متداولتان، القديمة وتسمى (السويسري) أي المطبوعة في سويسرا والجديدة وتسمى (المصورة) أي التي صُوّرت في بغداد، وأصبح بعض التجار في الكويت يرفض أن يقبض ثمن ما يبيع من العملة المصورة، ومنهم من كان يأخذها على مضض، وبسعر مغاير للسعر الأصلي، وبهذا فقد أصبح لكل سلعة في الأسواق سعرين.

والأهم من ذلك كله، أن العملة المصورة أصبحت عبئاً على حاملها وعلى من سيحملها، فلا يُحتفظ بها كبقية العملات، بل يجب عليك أن تصرفها في الحال، كأن تشتري بها أشياء قد تلزمك وقد لا تلزمك الآن، وأصبح من يحمل عملة عراقية مُصورة كمن يحمل بين يديه قطعة من الثلج، فإذا لم يستخدمها بسرعة فإنها ستذوب بين يديه، وتختفي في الحال، فكان لزاماً على من يحملها أن يختار لها الطريق المناسب لصرفها للتخلص منها لا أكثر ولا أقل.

أما في الجهة المقابلة، فقد قامت حكومة المنفى لدولة الكويت من الخارج، بإلغاء بعض أوراق عملتها من كافة الفئات أيضاً، وألغت أرقاماً معينة منها، وأنا شخصياً ولحد الآن لم أعرف أرقام العملات التي ألغيت في هذا الإعلان، وأصبح الشخص العادي من أمثالي، لا يعرف من هذه الأرقام شيئاً، وأصبح يحتاج إلى أجندة خاصة تدله على الملغي منها، وبدأ استغفال الناس البسطاء، فقد يرد لك البائع باقي مشترياتك عملة كويتية ملغية، أو أن يكون معك عملة كويتية، وتكتشف بعد مدة أنها ملغية، وبأنك لا تملك شيئاً.

كل شي بخص صدام ونضامو كان مبني علي الخدعه
إعجابإعجاب