
كان لزاماً عليّ في المرحلة الجامعية في بداية سبعينات القرن الماضي أن أنخرط في العمل الوطني مثلي مثل شباب تلك الأيام لا بل أكثر قليلاً لأن اليهود كانوا قد قتلوا والدي فانتظمت في صفوف حركة فتح لأنني كنت أرى فيها ضمير الشعب الفلسطيني والعربي لكن ما مررت به من أحداث جسام جعلتني شخصاً نظرياً لا بل مثالياً في أغلب الأحيان فكنت أحب وأكره على الشكل لا على المضمون فمن كان يطيل شعره مثلا أو يرتدي بنطال الشارلستون (موضة تلك الأيام) أتهمه في وطنيته ولا أعترف به بأنه مناضل فأنا إبن فتح ما هتفت لغيرها.

ومن سوء الطالع أن معظم عناصر الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في ذلك الوقت كانوا ممن يطيلون شعورهم ويلبسون بناطبل الشارلستون ويعلقون السلاسل الذهبية والفضية في أعناقهم وعليه فلم أستمع لهم فيما كانوا يقولون ولم أستمع لما كانوا يطرحون من فكر لتحرير فلسطين لأنه مغاير لفكر حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح حتى أنه وصل بي التعصب إلى أنني لم أقرأ للكاتب العالمي غسان كنفاني ما كتبه من روائع الأدب العالمي متعمداً لأنه كان من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وليس من حركة فتح.
