
غزة
هدى بنت عامر شجرة درّ أخرى في تاريخنا العربي المعاصر

في تاريخنا العربي القديم نساء سطرن بأحرف من نور سيرة حياتهن منذ البداية حتى النهاية وكن في حياتهن سراجاً منيراً لبناتنا على مر الأزمنة والعصور لهذا كان لهن علينا حق في تكريمهن واحترامهن لا بل دعوة صريحة وواضحة لبناتنا إلى الإقتداء بهن وتسمية مدارسهن بأسمائهن مثل عائشة وأسماء وخديجة وفاطمة وسكينة وحفصة وخولة والخنساء وغيرهن الكثير أما أن نسمي مدارس بناتنا بأسماء نساء لا أصل ولا فصل لهن وكن قد دخلن التاريخ العربي خلسة وبالخطأ ليكن قدوة لبناتنا في المستقبل فهذا لا يجوز أبداً.

فهناك في عاصمتنا الأردنية عمان مدرسة شجرة الدر للبنات في (حي نزال) وروضة شجرة الدر في (تلاع علي) ومدرسة شجرة الدر للبنات في مدينة (الزرقاء) وهناك مدرسة لشجرة الدر في مدينة (الخليل) ومدرسة لشجرة الدر في مدينة (خان يونس) ومدرسة لشجرة الدر في (دولة الكويت) ومدرسة لشجرة الدر في (جمهورية مصر العربية) ومدرسة لشجرة الدر في (دولة الإمارات العربية المتحدة) ومدرسة لشجرة الدر في (سوريا).

وشجرة الدرهذه لمن لا يعرفها هي جارية من جواري الأيوبيين مختلف على أصلها وفصلها كانت قد دخلت تاريخنا بالخطأ ونحن في غفلة من أمرنا دون أن يعطينا هذا التاريخ شيئاً عن طفولتها لكنها بالتأكيد كانت ذكية طموحة فطنة متعلمة تجيد القراءة والكتابة ولا تحب من أسرها فاستخدمت القوة الناعمة للوصول إلى أهدافها دون أن تفصح عنها واستغلت جمالها ودلالها في لفت نظر من اشتراها الملك الصالح نجم الدين أيوب في أيام أبيه فأعتقها قبل أن يتزوجها وعاشت معه في بلاد الشام مدة طويلة وأنجب منها ابنه خليل دون أن تفصح عن ما بداخلها من أهداف.

بعدها انتقلت شجرة الدر مع زوجها إلى مصر عندما تولى زوجها السلطة هناك وبقيت معه إلى أن واتته المنية وبعد وفاته مباشرة كشفت عن لثامها ووضعت يدها على مقاليد الحكم هناك وقادت دفة البلاد بمهارة فائقة وبقيت كذلك إلى أن حضر إبنه (توران شاه) واستعاد عرش أبيه فوجدها قد استخدمت أموال أبيه الطائلة في شراء ذمم المماليك من حولها وما هي إلا بضعة شهور حتى استطاعت شجرة الدر التخلص من إبنه بعد أن جيشت مماليكها عليه.

لكن وجودها على رأس السلطة لم يعجب المصريين ولا الأيوبيين في دمشق ولا العباسيين في بغداد فتزوجت من أحد هؤلاء المماليك أيبك بعد أن أرغمته على هجر زوجته الأولى وأم ولده علي وحرّمت عليه زيارتها هي وابنها وأعطته الملك كي تتمترس خلفه فانزوت في بيتها لتدير شؤون البلاد من وراء الستار وعندما اكتشف زوجها لعبتها أراد استبدالها وبدأ في اتخاذ خطوات الزواج من ابنة بدر الدين لؤلؤ الأيوبي صاحب الموصل.

وعندما علمت شجرة الدر بما كان يفكر به زوجها أسرعت في تدبير مؤامرة للتخلص منه فأرسلت إليه تسترضيه وتتلطف معه وتطلب عفوه فانخدع أيبك لحيلتها واستجاب لدعوتها وذهب إلى قلعتها فأغرته بدخول الحمام واستدعت خمسة من الخدم وأعطت كل واحد منهم قبقاباً من الخشب وأمرتهم بضربه حتى لقي حتفه وأشاعت بأن زوجها مات فجأة في الحمام.

لكن هذه اللعبة لم تنطل على مماليك (أيبك) فقبضوا عليها وحملوها إلى إمرأة أيبك الأولى فحكمت عليها بالموت بنفس الطريقة التي أعدمت بها زوجها فجمعت جواريها وأعطت كل واحدة منهن قبقاباً خشبياً وأمرتهن بضربها حتى الموت وبعد أن ماتت أمرتهن أن يلقين بجثتها من فوق سور القلعة وبقيت جثتها مكشوفة لكنها سمحت بدفنها بعد عدة أيام وما أن دفنت طلبت من طباخي القصر أن يعدوا لها وجبة بسيطة للإحتفال بمقتل شجرة الدر ودعت إليها الناس فأطلقوا على هذه الوجبة (أم علي) وهي الحلوى المصرية المشهورة إلى يومنا هذا.

هذه شجرة الدر التي سميتم مدارس بناتكم باسمها فهي كما ترون مخادعة كبيرة قتلت زوجها بطريقة مهينة دون وازع من ضمير كي تصل إلى أهدافها فبماذا ستجيبون طفلا سألكم عن هذه الشجرة المباركة؟هل ستقولون له الحقيقة؟وما هي هذه الحقيقة لو أردتم قولها؟ هذا في الروضة وماذا ستقولون للبنت وهي في عز عنفوانها عندما تسألكم عن هذه الشجرة التي نشأت تحت ظلالها؟وإذا تقمصت احداهن الدور الذي قامت به شجرة الدر؟هل تلومونها لتقولوا بعدها أن النساء ناقصات عقل ودين.

ها هي شجرة الدر قد أثمرت لكم درة مثلها في مدينة (بنغازي) في ليبيا وليس في عمان فقد ولدت (هدى فتحي بنت عامر) عام 1954 ببلدة (المرج) المجاورة لمدينة بنغازي وهي متزوجة من الليبي (يونس معافة) وأم لإبنين وكان القذافي قد تولى شخصياً عقد قرانهما حين كانت ترافقه في سنة 1982 عندما كان يقوم بزيارة خاصة للجزائر وقد تمكنت هدى بنت عامر أن تفوز على شجرة الدر بعد أن أدت دورها بامتياز مع فارق الزمان والمكان بعد أن تقمصت شخصيتها لا بل تفوقت عليها بعد أن أصبحت تسمى (شانقة الرجال) في ليبيا.

وبعد أن رأى القذافي منها ما رأى قرر على الفور استبدال حرسه الشخصي ببنات من اختيارها وهذه تعتبر سابقة لنا في التاريخ العربي ولو امتد بها العمر لأصبحت الحاكم الناهي في ليبيا بعد أن اختلست ملايين الدولارات من قوت الشعب الليبي الشقيق وكانت هذه المرأة شيطاناً في ثياب إمرأة ترهب الليبيين فكانت تمشي وفي حزامها مسدس أوتوماتيكي وكانت تكره أهل بنغازي وتهينهم باستمرار وفي إحدى المرات خطبت فيهم وقالت:هنا في بنغازي لا يوجد رجال أنا الرجل الوحيد في بنغازي!.

أما ما فعلته هذه المرأة (هدى بنت عامر) يوم إعدام الطالب الليبي (الصادق حامد الشويهدي) الذي كان قد عاد لتوه من الولايات المتحدة الأمريكية في مارس من ذلك العام بعد تخرجه مباشرة من هندسة الطيران وبدأ على الفور بتشكيل حملات معارضة لحكم العقيد القذافي باسم (جبهة إنقاذ ليبيا) وسريعاً وقع هو وبعض شركائه بالأسر فأحضروه يوم 5 يونيو 1984 (وكان هذا اليوم هو ثاني أيام شهر رمضان المبارك) إلى المدينة الرياضية في مدينة بنغازي ثم أجلسوه على الأرض مكبّل اليدين والرجلين وقرأوا عليه مذكرة الإتهام وبعدها حكم عليه بالإعدام.
