
القاضي:القضية التي سنستمع لها أيها السادة الحضور لهذا اليوم هي ما تدعي به الزوجات (كل الزوجات) على أزواجهن بأنهم يلوذون بالصمت المطبق بحضورهن كمن يصاب بالخرس بعد أن ينتهي شهر العسل مباشرة بينما هم يصدحون كالبلابل في غيابهن ويتهمنهن (كل الزوجات) أيضاً بأنهم لم يعودوا كسابق عهدهن بهم أيام الخطوبة وشهر العسل وما بعدهما عندما كانوا يختلقون الأعذار لمحادثتهن ومداعبتهن والخروج معهن للتنزه في الحدائق والأسواق العامة.

وهذه القضية (قضية اليوم) هي قضية فريدة من نوعها ترفع إلى محكمتنا فلم يسبق أن ادعى مثل هذا العدد (الهائل) من النساء على أزواجهن بهذه الصورة حتى أن (حواء) كانت قد حضرت من قبرها لتنوب عن بنات جنسها في تثبيت هذه التهمة لبناتها على أزواجهن لهذا دعونا نستمع لها أولاً ثم نستمع إلى (آدم) لينوب بدوره عن أولاده من الرجال في نفي هذه التهمة أو الإعتراف بها.

حواء:سيدي القاضي أيها الحضور الكرام أقف بين أيديكم اليوم لا للدفاع عن قضية تخصني بذاتي كحواء وإنما هي قضية عامة تخص جميع بنات جنسي في هذا العالم وفي كل زمان ومكان فكل الزوجات الآن أصبحن يشتكين من صمت أزواجهن المطبق في حضورهن وقد وردني الكثير الكثير من هؤلاء الزوجات مسجات غير سارة عن أزواجهن مفادها أن هؤلاء الأزواج أصبحوا يلوذون بالصمت المطبق في حضورهن ولا يتكلمون معهن بعد إنتهاء شهر العسل مباشرة.

مما جعل بناتي يا مولاي يحترن في صمت أزواجهن في حضورهن هذا وانشغلن وأشغلن أنفسهن في البحث عن سبب أو ذريعة لهذا الصمت (المفاجئ) من قبل أزواجهن فمن الزوجات من أصبحت تفسر هذا الصمت بأن زوجها غاضب عليها ومنهن من أصبحت تفسره بأن زوجها حزين على الاقتران بها ومنهن من أصبحت تفسره بأن زوجها مُحبط في حياته بسبب اقترانه منها ومنهن من ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير حتى أن كل واحدة منهن أخذت تفسر صمت زوجها بما يحلو لها وعلى هواها وبالطريقة التي تريدها.

وأنا لم أحضر هنا يا مولاي كي أدافع عن بنات جنسي كما قد يتوهم البعض منهن ولم أحضر لكي أتهم الأزواج كما قد يتوهم البعض الآخر منهم بل حضرت إلى هنا كي أوضح للرجل (على مسمعكم) بأن صمته في حضور زوجته يعذبها نفسياً من الداخل لا بل قد يقلب حياتها إلى جحيم والسبب في ذلك يا مولاي أن الزوجة لا تعرف معنى أن يلوذ زوجها بالصمت معها ولو لدقائق معدودة فهي تريده أن ينسى كل من هم حوله وينسى حتى عمله ويحدثها هي فقط لأن حديثه معها يشعرها بالاهتمام بها بغض النظر عن ماذا سيقول لها؟وما يزعجها أكثر يا مولاي أن تراه مع غيرها من الناس كالبلبل الصداح يغرد في كل اتجاه ومعها يلوذ بالصمت.
القاضي:تقدم يا آدم واعترف بالتهمة التي وجهتها حواء وبناتها لأزواجهن أو انفها عنهم إن استطعت.

آدم:سيدي القاضي حواء هذه التي هي أمامكم كان الله قد خلقها من ضلعي فهي وحدها من يفهمني ويفهم صمتي أما بناتها في هذه الأيام يا مولاي فلا يعرفن عن أزواجهن غير القشور فكل واحدة منهن تريد زوجها أن يكون وسيماً كي تتباها به أمام صديقاتها وتريده غنياً كي يلبي لها كل متطلباتها لكنها لا تكلف نفسها في التعرف أكثر على نفسية الرجل وما يحب وما يكره فأنت تعلم يا مولاي أن الصمت شيمة من شيمي التي كرمني بها ربي يوم أن خلقني فهو حالة طبيعية عندي أقوم بها دون تكلف لأنني ببساطة أكثر ليس لدي ما أقوله وهذه العادة كنت قد ورّثتها لأولادي الرجال من بعدي.

أما بنات حواء يا سيدي فالأصل عندهن الثرثرة وكثرة الكلام فلا يصمتن أبداً إلا إذا كن (غاضبات) أو (حزينات) أو (محبطات) عدا ذلك فهن يتكلمن في كل المواضيع في وقت واحد ويطلبن من أزواجهن المتابعة والتعليق عليها حتى ولو كانت لا تهم الزوج بشئ لا من قريب ولا من بعيد عندها سيضطر الرجل أن يلوذ بالصمت لأنه لا يعلم في كل المواضيع التي تطرحها عليه زوجته فعندما تسأل زوجة زوجها يا مولاي عن لون حذاء جارتها أو عن عمر صديقتها أو عن الطبخة المفضلة عند أختها فإنه يصمت لا لأنه لا يريد الكلام معها بل لأنه لا يعرف أجوبة لمثل هذه الأسئلة وعندما يصمت تبدأ في اللحاح عليه أكثر كي يجيب على أسئلتها تلك وعندها يصمت الرجل أكثر فأكثر فتظن زوجته أن صمته كصمتها.
