أيام تحرير الكويت


imagescam1p3fm
هكذا إنتظرت تحرير الكويت

إنتظرت تحرير الكويت وعددت الساعات التي إستغرقت في تحريرها فوجدتها مائة ساعة كنت فيها كالولد الذي غابت عنه أمه وينتظر قدومها على أحر من الجمر كي يشكو لها ما حلّ به في فترة غيابها من غمّ وهمّ وحزن وجوع وعطش وخوف ورعب وينتظر منها أن تعيد له مفاهيمها وقيمها التي ربّته عليها بعد أن كُسرت كل هذه القيم والمفاهيم في غيابها. 

download-36
ألبسوها ثوباً غير ثوبها العربي 

لكنني فوجئت بالكويت بعد عودتها من الأسر فوجدتها قد أنساها من كانت بعهدتهم أمومتها وقيمها ومفاهيمها وحنانها ومستقبلها بل حتى ماضيها بعد أن ألبسوها ثوباً غير ثوبها العربي! وفوجئت أكثر عندما كانت قد إحتضنت الأغراب ونسبتهم لقبائلها بدلاً من  أن تحتضن أبنائها العرب بعد أن غيرت إسم الرئيس الأمريكي إلى بوش الكندري ظناً منها أنه سينقل لها الماء على ظهره وتستغني بذلك عن كندرية العرب.

184918_o
مخفر كويتي 

وفوجئت أكثر وأكثر عندما أصبحوا يطاردون الفلسطينيين بعد أن أنهوا خدماتهم ولم يكتفوا بذلك بل استدعوا والدي مرة من المرات على الهاتف لمراجعة مخفر السالمية ولم أنم في تلك الليلة حتى عاد والدي في آخرها سالماً معافى وفرحت عندما طلبوا منا تسجيل أسماء الطلبة منا تمهيداً لحصر أعدادنا وتوزيعنا على مدارسهم وإذا بهم يحرموننا من التعليم في مدارسهم وبهذا أعادوني إلى المربع الأول الذي بدأت منه فراغ كبير وحبس في البيت. 

imagescab3lkol
المكتبة

أذكر أنني فرحت جداً عندما طلب والدي من صاحب مكتبة قريبة من بيتنا تبيع الكتب والقرطاسية كان من بين طلابه السابقين وأستاذي في زمن الاحتلال أن أداوم في مكتبته بأجر رمزيّ فوافق في الحال وكان دوامي فيها نقلة نوعية لي فقد جربت العمل والراتب وكونت علاقات صداقة مع من هم أكبر مني سناً وأتقنت البيع والشراء حتى أنني تمكنت من بيع سيارة والدي إلى مدرس كويتي عندما أردنا السفر من الكويت. 

download (4)
أنتم فلسطينيون ولا مكان لكم عندنا

ولن أنسَ في يوم من الأيام ما حييت عندما هاجمنا نفر من المُستعرِبين في الكويت وليس من الكويتيين الأصليين في المكتبة التي كنت أعمل بها في شارع عمان وقالوا لنا:أنتم فلسطينيون ولا مكان لكم عندنا!فبعثني صاحب المكتبة لأستعين بالكويتيين الأصليين كي يُخرجوا هؤلاء الأعراب والمستعربين من المكتبة وفرحت أكثر عندما حضروا وأخرجوهم من المكتبة وهم صاغرون وفرحت جداً عندما قدِم جار لنا من الجنسية المصرية كان قد التحق بالجيش الكويتي وأحضر لنا من التموين ما كنا قد افتقدنا منذ مدة طويلة. 

137388054249083
وزعوا علينا طروداً غذائية 

وفرحت عندما وزعوا علينا طروداً غذائية عشوائية وكان طردنا يحتوي على دجاجة كان لها وقع جميل على جميع أفراد الأسرة بعد  أن تم طبخها مع البطاطا وهذه الدجاجة كان لها الأثر الأكبر في تغيير تقاليدنا في المستقبل فقد أصبح من صلب تقاليدنا في بيتنا أن نحتفل كل سنة في بداية شهر رمضان المبارك بأكل الدجاج مع البطاطا وفرحت عندما بدأت أمي تشتري لي الملابس والقرطاسية بالجملة كي أصطحبها معي إلى عمان وقد مر علي سنتان بعد الإقامة في عمان لم أشتر فيها ملابس ولا دفاتر.

329296_o

كما وأرعبني الجنود الكويتيون قبيل دخولنا للمطار مغادرين إلى عمان ولم يكتفوا بذلك بل أهانوني أثناء التفتيش الجسدي ومنعوا والدي من مرافقتنا إلى داخل المطار بحجة أنه من مواطني دول الضد أي الأردن وفلسطين واليمن والسودان بالإضافة إلى العراق طبعاً لكن المشكلة لم تنته بمغادرتنا أرض الكويت فهي لا زالت قائمة فوالدي بقي في الكويت لتسوية حقوقه المالية فيها ولا زلت أشعر بالرعب الذي لن يزول من مخيلتي إلا إذا حضر والدي من الكويت وبقي معنا.

download (5)
زملائي كانوا من مختلف البلدان العربية 

وحزنت على تشتت زملائي في الدراسة فزملائي كانوا من مختلف البلدان العربية وسوف لن نلتقي بعد هذا اليوم إلا أن الصدفة وحدها قد شاءت بعد تخرجي من الجامعة فقمت بالسفر إلى مصر وتمكنت من إعادة بعض العلاقات التي كانت قد قطعت وكذلك سافرت إلى لبنان وسوريا والسودان واليمن وبحثت عن أصدقائي في هذه البلدان وأعدت العلاقة بين زملاء الطفولة لأن صحبة الكويت لا ولن تنسى.

مذكرات طفل عربي فلسطيني عن حرب الخليج

كلوا واشربوا ولا تسرفوا


المكان: الكويت
الزمان: 2/8/1990 إلى 15/3/1991
175406
شبرة الخضار والفواكه في الكويت

كان الطعام والشراب في دولة الكويت، قبل الاجتياح العراقي لها، مُتنوعاً ومُتوفراً ورخيصاً، وفي مُتناول الجميع، لا فرق بين أمير وغفير، فالجميع يأكل ما يُريد، وقتما يريد، وهذه إيجابية تسجّل لدولة الكويت دون غيرها من البلدان المجاورة، فهي من الدول النادرة التي توفر نفس الفرصة للجميع، في الحصول على الطعام والشراب بكافة أنواعه، فكانوا يستوردون الخضار والفواكه من جميع أنحاء العالم، ويقومون بعرضها للناس كافة، في مكان واسع نظيف يسمى «شبرة الخضار»، وكانوا يراقبون الباعة والمستوردين، ويمنعوا الغش في البيع والشراء، فكنا نذهب إليها يوماً في الأسبوع للتسوق، مصطحبين معنا زوجاتنا وأولادنا من أجل المتعة والمشاهدة، والأكل أيضاً.

imagesCA7IMT3E
كانت أمنيتي أن أفتح ثلاجتي يوماً ولا أجد فيها تفاحاً

لكن ـ مع الأسف الشديد ـ لم يُقدّر الكثير الكثير، ممن سكنوا الكويت هذه النعمة التي كانوا يعيشون فيها ـ وأنا منهم ـ، فـبَـطروا وأسرفـوا، وألـقـوا بالأكل في حاويات الـقـمـامـة، حتى وصل الأمر فيهم، إلى أن أصبح الإنسان في دولة الكويت، يأكل ما لا يشتهي، لأن جميع صنوف الطعام متوفرة على مدار السنة، فأنا مثلاً كانت إحدى أمنياتي، أن أفتح ثلاجتي يوماً، ولا أجد فيها تفاحاً، أي كنت أتمنى غيابه عن وجهي كي أشتهيه، وأقبل على أكله، ولم أذكر يوماً، أنني مددت يدي إلى الثلاجة، وتناولت تفاحة كي آكلها، ولم يكتف التفاح بمطاردتي في البيت فقط، ولكنه أحضر معه الموز والبرتقال، ليطاردوني في المدرسة أيضاً، فكانوا يقدمون لنا نحن المدرسون والطلاب، وجبة صباحية لا نأكل منها شيئاً يُذكر، ونلقي بالباقي في حاويات الزبالة. 

7fa4cffc90
قامت بفتح مخازن شركات الأطعمة وأخذته معها للعراق

لكن عندما احتلت القوات العراقية دولة الكويت، قامت بفتح كل مخازن شركات الأطعمة فيها، ونهبت أو اشترت بثمن بخسٍ كل ما كان بداخلها، وأخذته معها إلى العراق الجائع، الخارج من معركة كانت شرسة وطويلة مع إيران دامت ثماني سنوات، كانت قد أهلكت الحرث والنسل، كما قامت القوات العراقية أيضاً بمنع الشركات الكويتية من الاستيراد، أو أن الشركات هي التي كانت قد امتنعت عن الاستيراد من تلقاء نفسها، نتيجة لما حصل، فانقلبت الآية، وأصبحنا في الكويت نعيش على ما يزيد عن حاجة الشعب العراقي.

untitled37
أصبح لزاماً عليك إن دخلت الشبرة أن تلبس جزمة

ولم يكتفوا بأن أحضروا معهم بضاعتهم لنا في الكويت، بل أحضروا معها سلوك وعيوب النظام الاشتراكي العربي المزعوم، وطبقوه على سكان الكويت، فتحولت شبرة الخضار والفواكه من مكان للنزهة والتسوق، إلى مكرهة صحية، وأصبح لزاماً عليك إن دخلتها أن تلبس جزمة، أو ترفع بنطالك إلى ركبتك، كأنك تريد أن تقطع وادياً تجري فيه الأوساخ وبقايا الخضار والفواكه، وهي متعفنة بدل أن يجري فيه الماء.

130781_2011_05_26_21_03_42
إذا فكرت أن تشتري كيلو بندورة عليك أن تشتري خمسة 

في دولة الكويت قبل الاحتلال، كانوا يبيعون الخضار والفواكه على مبدأ (السحب مع إرجاع)، أي أنك تختار ما تشتري، وتعيد النظر في الاختيار، إلى أن تستقر على ما تريد شراءه كماً ونوعاً، أما عندما أصبحت الكويت تحمل اسم المحافظة رقم 19 من دولة العراق، فقد اعتُمد مبدأ (السحب بدون إرجاع)، أي ليس لك الخيار في ما تشتري، بل الخيار للبائع فيما يريد هو أن يبيعك، وشتان ما بين المبدأيْن في البيع والشراء، فإذا فكرت أن تشتري كيلو بندورة مثلاً، عليك أن تشتري وتدفع ثمن خمسة كيلوات، وتحملها معك إلى البيت، وهناك تقوم بفرزها، وتأخذ الصالح منها، وتلقي بالباقي في القمامة.

untitled
الغش حتى في العبوات المكشوفة

أما عن الغش في البيع وفي الشراء، فحدث ولا حرج، فقد اعتاد الناس على شراء البصل أو الخيار أو البطاطا مثلاً، في عبوات بلاستيكية شفافة مرئية، ليرى المشتري حجم ونوع  الخيار أو البصل أو البطاطا، فكانوا يأتون بأكبر (ماسورة) يمكن إدخالها في هذا الكيس، ويضعونها في وسطه، ويملئونها بخيار أو بصل أو بطاطا لا تصلح للاستهلاك البشري، ويحيطونها بطبقة من الخيار الصغير الطري، أو من البصل الجيد، أو البطاطا الممتازة، ثم يقومون برفع هذه الماسورة، ويربطون الكيس من الأعلى، ويعرضونه للبيع، ليأتي المشتري فيراه خياراً صغيراً أو بصلاً جيداً أو بطاطا ممتازة، فيعجب به ويشتريه، ويحدّث نفسه أن هذا الخيار سيكفيه أسبوعاً، وإذا به ينتهي في وجبة واحدة.

232805
غش في العبوات المستورة

أما عندما كنا نشتري عبوات الخضار والفواكه المستورة، أي التي لا يُرى ما بداخلها، فكانوا يضعون البضاعة الجيدة على السطح، ويملئون داخلها بالبضاعة الفاسدة والورق، فلا رقيب عليهم، ولا حسيب لهم على ما يفعلونه، بعد أن حولوا الكويت لتصبح محافظة من محافظاتهم، بينما كانت الكويت، قبل  أن تصبح ولاية عراقية خالية من الغش، لأن من يغش فيها يعلم النتائج المترتبة عليه مسبقاً، وسيطبق عليه القانون الصارم فوراً، لكننا الآن نعيش بدون قوانين أو قل بقوانين عراقية، لا بل قل إن حاميها هم حراميها.

137388054249083
توزيع الأغذية في البطاقات

حتى هذا الوضع السيء تمنينا بقاؤه، لكنه لم يدم طويلاً، ففي 1/9/1990 فرضت السلطات العراقية نظام توزيع الأغذية الأساسية بالبطاقات، لأن الأزمة بدأت تشتد، ليصبح التركيز على المحافظة رقم 1، أي على بغداد على حساب المحافظة رقم 19، ولم يعد يصلنا شيءٌ، حتى أنني نسيت شكل البندورة، لهذا قمت بشراء تراب البتموس، ووضعته في صندوق خضار من البوستر، وزرعت فيه أشتالاً صغيرة من نبات البندورة، وبدأت أسقيها الماء مما نشرب، لأن الماء أصبح الآن شبه مفقود، لكنها أزهرت وأثمرت بضع حبات قليلة، لا يتجاوز حجم الواحدة منها حجم حبة الكرز.

imagesCALCVNUS
وجدت أولادي الثلاثة يوماً يتصارعون على تفاحة

أما إذا قدم شخص نعرفه من الأقارب أو الأصدقاء من عمان أو دمشق أو بيروت، ومعه بعض الخضار أو الفواكه، فكنا نذهب عنده لا لنأكل مما أحضره معه، بل لنتفرج على شكلها فقط، بعد أن نسينا شكل الخضار والفواكه، وقد يجود الخيّرون منهم علينا بما تيسر، وسيكون إن حصل ذلك وبالاً علينا وعلى أولادنا، فقد دخلت البيت ذات مرة فوجدت أولادي الثلاثة يتصارعون وكأنهم أعداء، وعندما اقتربت منهم أكثر وسألتهم عن السبب، وإذا بأحد الجيران كان قد تصدّق عليهم بتفاحة، وكل ولد منهم يطلبها لنفسه، فقسمتها بينهم بالتساوي وانتهى الإشكال.

SACO DE BATATAS
سعة أفق زوجتي

وهنا لا بد لي أن أعترف لزوجتي بسعة الأفق وبُعد النظر، فقد طلبت مني يوماً من الأيام أن أشتري كيساً من البطاطا زنة 55 كيلو غرام استعداداً للحرب، لكنني رفضت طلبها هذا بحجة أن الحرب وإن حصلت ستكون حرباً خاطفة، فقد انتصرت إسرائيل على العرب مجتمعين خلال ستة أيام فقط، لكنها لم تقتنع بكلامي هذا، وأصرّت على موقفها، وكذلك أنا، فطلبتْ من جارٍ لنا يملك شاحنة صغيرة، أن يُحضر لها ذاك الكيس، وقد استجاب لطلبها، وبقيت البطاطا عندنا حتى آخر يوم لنا في الكويت، نستخدمها عند اللزوم، فلها استخدامات متعددة أولها أنها تنوب عن الخبز لو غاب.

573172858761
بير روضة السندباد التي كانت بقربنا

وازداد الأمر سوءاً بعد أن قُطعت عنا الكهرباء، وبالتالي شحّت علينا المياه، فما كان أمامنا من خيار، إلا أن نفتح البئر المهجور والموجود في روضة السندباد المجاورة لبيتنا، ونخرج منه الماء بالدلو، ثم نضع هذا الدلو على غطاء ماتور السيارة، ونسير به سير السلحفاة إلى أن نصل به إلى البيت، ثم نعود ثانية وثالثة ورابعة، إلى أن نكتفي من هذا الماء الذي لا يصلح للشرب، ولكن كنا نستخدمه في حاجاتنا اليومية الأخرى، ولو طالت الحرب البرية أكثر لكان العناء أكثر.

download
وجدت بداخل طردي دجاجة ويا لها من دجاجة

وعندما دخلت قوات التحالف أرض الكويت في 26 فبراير 1990، وفي أول يوم من أيام شهر رمضان المبارك، قام الكويتيون بتوزيع طروداً غذائية جاهزة ومنوّعة، لا نعلم ما بداخلها حتى نفتحها، وكنت أنا محظوظاً في ذلك اليوم، فقد كان بداخل طردي (دجاجة)، ويا لها من دجاجة، وعندما ذهبت إلى البيت، ورآها الأولاد، التفوا حولها يتغزلون بها، بعد أن غابت عن أعينهم شهوراً، ولم يكن أمامنا إلا أن نطبخها بالبطاطا المتوفرة عندنا، وكانت هذه الدجاجة أفضل ما أكل الأولاد في حياتهم، ومنذ ذلك اليوم ـ وحتى الآن وغداً ـ ونحن نحتفل بقدوم شهر رمضان المبارك سنوياً بطبخ الدجاج مع البطاطا في أول يوم من أيامه.

14370441_177686856006267_400358256144603058_n
برنس حسن إبراهيم جارنا في البناية مصري الجنسية 

وفي مساء اليوم الثالث على تحرير الكويت، وإذ بسيارة جيب عسكرية تقف أمام بنايتنا، وينزل منها جنديٌ مسلحٌ بكامل سلاح الحرب، ويرتدي زيّ قوات التحالف، وبقي السائق ومرافق له في السيارة، فتوجسنا خيفة منهم في أول الأمر، لكننا استبشرنا خيراً عندما عرفناه، إنه جار لنا في البناية مصري الجنسية، إسمه برنس حسن إبراهيم (أبو طارق)، كان يعمل مدنياً في الجيش الكويتي، وكان مسالماً طيباً أصيلاً، يحب الناس جميعاً، والناس تحبه، كان قد سافر إلى بلده مصر، بعد أن ودّعنا وهو يبكي على ما حصل من احتلال للكويت، ووضع مفتاح شقته عندنا كأمانة، كي نتصرف في غيابه لو حصل لها مكروه لا سمح الله.

untitled41
ماتت السلحفاة ولم تحسن من حظهم

وكان عند جارنا الطيب هذا، سلحفاة يقتنيها في بيته، وكان يعتقد بأنها تجلب الحظ له ولبيته ولأولاده، فأعطاها لأولادي هدية منه، وقال لهم: إنها تأكل بقايا الأكل الآدمي من خضار وفواكه، فوضعها الأولاد في بانيو الحمام، وعاشت معهم فترة من الزمن، وظلت كذلك، حتى لم يجدوا شيئاً يُطعموها، بعد أن غابت الخضار والفواكه عن أعينهم، فماتت دون أن تحسن من حظهم شيئاً.

50bf173cc505c
كنا قد استعملنا بطارية السيارة بديلاً عن الكهرباء

فككت بطارية السيارة، وحملتها إلى البيت، وأشعلت منها لمبة صغيرة كي يرانا ونراه في الليل، وأفطرنا معه بما تيسر، وعندما رأى حالتنا، استأذن على الفور وغادر، ولكنه عاد بعد ساعة، ومعه كل ما تشتهي الأنفس، من لحوم ودجاج وخضار وفواكه وسجائر، وتعهد لنا بأن يُطعمنا مما يأكل، ما دُمنا نعبش في الكويت، وما دُمنا بحاجته، وعن هذا الرجل أختم كلامي، ليرى (المُستعرِبون)، كيف تكون العروبة؟ ويرى (الأعراب)، كيف يكون الإسلام؟ ويرى (بنو عدنان)، أين ومتى تكون الشهامة والمروءة؟ ويرى عربُ (الشعارات الثورية)، أثر شعاراتهم على الناس.

مشاهد كويتية بعيون فلسطينية من حرب الخليج