المال
مشورة المجوسي
مـشـورة الـمـجـوسـي

كان نوح بن مريم رئيساً لمدينة مروْ وقاضيها وله نعم كثيرة وحالته ميسورة وكانت له بنت ذات حسن وجمال وبهاء وكمال تقاطر عليها الخطاب من كل حدب وصوب وأصبح الجميع يطلب ودّه فاحتار في أمره!وكان له جار مجوسيّ والفرس مشهورون بالحكمة!فقرر أن يستشيره في أمر زواج إبنته!فذهب إليه ليستشيره في الأمر وعندما إستشاره قال له المجوسي:سبحان الله الناس يستفتوك وأنت تستفتيني!.

فرد عليه نوح قائلا:لا بد أن تشير عليّ أيها الجار فالحكمة ليست منوطة بقوم دون غيرهم!ولا بدين دون غيره!ولا بشخص دون غيره!والحكمة في ديننا ضالة المؤمن أينما وجدها عليه أن يأخذ بها وينفذها إذا إقتنع بها!فقال له المجوسي:إن رئيسنا كسرى كان يختار ذات المال!ورئيس الروم قيصر كان يختار ذات الجمال!والعرب كانت تختار ذات الحسب والنسب!ورئيسكم محمد كان يختار ذات الدين!فانظر أنت بأيهم تقتدي؟.
من كل بستان زهرة
سـألـونـي فـلـم أجـب

سألني أكثر من صديق وعلامات الدهشة بادية على وجهه وهو يقول لي: كنا قد قرأنا لك بعضاً مما تكتب فوجدناه بعيداً كل البعد عن تخصصك فكيف تكون مُدرّساً للرياضيات وتكتب في العلوم الإنسانية؟ فكنت عندما كان يوجه لي مثل هذا السؤال أكتفي بالإبتسامة في وجه من يسألني دون أن أجب أحداً منهم عند لحظة سؤاله بل كنت أؤجل الإجابة على مثل أسئلتهم حتى يحين موعد الإجابة عليها لأن مثل هذه الأسئلة الكبيرة يصعب الإجابة عليها بكلمات معدودة واليوم حان موعد الإجابة على مثل هذه الأسئلة.

للأسف الشديد يعتقد معظم الناس أن ثمة تناقضاً بين العلوم التطبيقية والعلوم الإنسانية غير أنني لا أرى الأمر كذلك لأن المعرفة والعلم يجب أن يتداخلا مع الإنسانيات لخلق الإنسان الذي نريد فنحن نطمح في إيجاد الإنسان الذي لا يريد أن يعمر الأرض بعلمه فقط بل بإنسانيته أيضاً كي يكون جديراً بخلافة الله في الأرض ولا نريد إنساناً يرث الأرض عن آبائه وأجداده ويسلمها إلى أحفاده دون أن يعمرها أو يُطوّرها.

هذا المفهوم لا يستطيع العلم وحده أن يزرعه في عقول ونفوس الناشئة من الأطفال الصغار وهنا يأتي دور الأدب في تعميق هذا المفهوم ونرسيخه في آذانهم وعقولهم فبالأدب نستطيع أن ندرب أطفالنا وهم صغار على استخدام العلم في اكتشاف الحقيقة وعلى الجهر بها عند اكتشافها كما فعل نيوتن لأن الوصول إلى الحقيقة والقول بها يضيف عقولاً جديدةً إلى عقول أطفالنا.

إن الأدب يسند العلم في جميع مراحل تطوره وينقيه من الشوائب التي علقت وتعلق به على مر العصور والأدب وحده هو الذي يؤثر في البنية الروحية للإنسان ويصفيها فلا يكفي أن نعلم الناس قوانين نيوتن ونظرية رول ونظرية فيثاغورس دون أن نعلمهم الظروف التي مروا بها كل على انفراد والدوافع التي من أجلها كانت قد اكتشفت مثل هذه النظريات فالأدب بالتالي سيوسع الدنيا في نظر أبنائنا ويستنهض هممهم ويهذب من عواطفهم ويجعلهم أكثر ثقافة ورحمة ويطلعهم على مدى أوسع من العواطف والشخصيات لا يستطيعون أن يعيشوها في حياة واحدة.

والأدب وحده هو الذي يهب أطفالنا القدرة على معرفة أزمنة وأمكنة لا يمكن أن يصلوا إليها بالعلم وحده والأدب هو الذي سيفهم أطفالنا أيضاً بأن الجهل بالشيء (أي شئ) ليس عيباً ولا حراماً ويفهم أطفالنا أيضاً أنهم يستطيعون المجاهرة بوجود أشياء كثيرة جداً لا يعرفونها في أي زمان ومكان وهذا بحد ذاته لا يعتبر عيباً ولكن العيب كل العيب أن نعلمهم الإدعاء الكاذب للمعرفة.
