قال الثعلب لأهل القرية:هل سمعتم بالمَرْج الأخضر؟فقال الجميع بصوت واحد:لا لم نسمع بهذا الإسم من قبل فقال لهم الثعلب:المرج الأخضر يا أصدقائي ليس بعيداً عنكم لكنه يحتاج إلى بنية تحتية وهذه البنية التحتية بحاجة ماسة إلى خيول قوية وأصيلة لتبنيها وشاع في القرية أن هناك مرجاً أخضراً لَيْس بَعيداً عنها من يدخله فَقَد دخل الجنة فسَمع الحِصَان الأَبْيَض ما قيل على لسان الثعلب عَن المَرْج الأَخْضَرِ فقرر أن يُسَافِر إِلَيْه سِرّاً بعد أن إتجهت إليه الأنظار كَي يُعِدّ لهؤلاء الأعداء مَا يَسْتَطِيع مِن قُوَّة وَمَن ربَاط الخَيْل وبهذا تَنْسَاه العيون التِي كانت تراقبه ليل نهار عَن قُرْب تارة وَعَن بُعْد تارة أخرى وما هِي إِلَا بِضْع سَنَوَات وَيَعُود بَعْدَهَا هذا الحصان بخيول عربية أَصِيلَة تَسْلُك الدَّرْب نفسه الذِي كانت قد سلكته أمه.
أما الشنار البلدي، فقال بشيء من الثقة بالنفس: أنا لن أعتمد على الطاووس المغرور، ولن أعتمد على الثعلب الماكر، ولن أعتمد على الدب المهووس، فثلاثتهم غرباء عنا، ولا يفكرون بنا، إلا على قدر مصالحهم في بلادنا، لا بل أرى أن نذهب جميعاً إلى إبن بلدنا الجمل العربي، ونعرض عليه مشكلتنا الحالية، مع هذه الصقور الهمجية، فهو القوي الأمين. فأجابه على الفور شنار آخر وقال: لقد ذهبنا إلى الجمل العربي الذي تقول عنه، وقمنا بعرص مشكلتنا عليه مع هذه الصقور، ولم يحرك ساكناً حتى الآن.
الصبر طعام الجمل المفضل
وعلق شنار آخر فقال: كنا نعلم أن طعام الجمل العربي المفضل لديه، هو (الصبر)، وكل نبات فيه شوك، لكننا عندما ذهبنا إليه، وجدناه يأكل (بطاً مشوياً)، ويتحلى (بوزة) بعد العشاء، ويرقص مع (سحلية)، وعندما دخلنا عليه عرينه، بالكاد تعرف علينا، وقبل أن يتكلم معنا، ليعرف ما نريده منه قال: اذهبوا أنتم الآن إلى بلادكم، وسأحضر أنا شخصياً عندكم، لأرى أوضاعكم عن كثب، وذهبنا، ولحد الآن لم يصل.
ونهض طائر الشنار الغوري من مكانه وقال: أنتم يا سادة يا كرام الشنانير، نسيتم أو تناسيتم، أن الطاووس الألماني على خلاف مع الصقور جميعها، وطبقاً للقاعدة التي تقول: عدو عدوي صديقي، عليكم أن تقيموا علاقة مع هذا الطاووس، كي تسهلوا على أنفسكم الطريق، فالطاووس لا يحتاج إلى إقناع في الدفاع عنا. فتدخل أحد الشنانير في الحال وقال: لكن الطاووس متورط مع الثعلب البريطاني، والذئب الفرنسي، والنسر الأمريكي، في حرب ضروس، فأجابه طائر الشنار الغوري دون تفكير: لهذا سندعوا للطاووس بالنصر بعد كل صلاة، لأن الدعاء واجب شرعي علينا أولاً، فنسقطه من فروضنا، ويستفيد منه الطاووس ثانياً، وبهذا نكون قد أضفنا إلى ميزان حسناتنا حسنات، دون أن نتعب، مثلنا مثل مسلمي هذه الأيام، فهم قد جعلوا الدعاء لمن يريد الحسنات منهم، دون أن يعمل.