من ثقافتنا العربية الممتدة، والمتوارثة من جيل إلى جيل، أن العرب يعدّون الذكور من أطفالهم، ولا يعدّون الإناث منهم، مهما بلغ عددهن في الأسرة، فالعائلة العربية تعُدّ ذكورها فقط، لتدفع ما يترتب عليها من التزامات عشائرية نحو الغير، سواء كان ذلك على مستوى العائلة الممتدة أو العشيرة، ولو سألت رجلاً عربياً عن عدد أطفاله، فإنه سيجيبك عن عدد الذكور فقط. والعربي عادة يخجل من ذكر إسم أمه أو أخته أو زوجته، حتى أن الولد الصغير في المدرسة ينزعج عندما تُعرف إسم أمه، ويغضب أكثر على من يسأله عن إسمها، وعندما يكبر في السن أكثر، ويتزوج يُحاول أن يبقى إسم زوجاته سرياً، وعلى العموم يُسمّي الرجل العربي عادة زوجته بـ (عيلته)، ويخجل من أن ينطق إسمها صراحة أمام الناس، وعندما تكبر في السن أكثر، وتنجب البنين يسميها (أم فلان)، أما إذا كبرت في السن أكثر ولم تنجب البنين فيسميها (الحاجة).
العرب هم الأمة الوحيدة بين الأمم التي كانت قد صنعت آلهتها بأيديها لتعبدها ففي الجاهلية الأولى كانوا يصنعون أصنامهم بأيديهم مما كان يتيسر عندهم من تمر وزبيب وإن لم يتوفر لهم ذلك فمن القطين ومن لم يجد منهم مثل هذه المواد كان يكتفي بنحت حجر يحمله بيده ليعبده ويسير على هواه واستمروا على هذا الحال إلى أن جاء الإسلام فحرم عليهم عبادة الأصنام بشتى أنواعها وزاد على ذلك بأن أمرهم بتحطيمها فحطموها رياءاً أمام الناس دون أن يحطموها في عقولهم وفي قلوبهم.
وتنافس الحكام فيما بينهم على من سيكون الصنم الأكبر
وما أن بدأ يخف تأثير الإسلام عليهم حتى وجدتهم قد عادوا يبحثون عن أصنامهم من حولهم فلم يجدوها فأخذوا يبحثون عنها في كل مكان وبعد طول بحث وعناء وجد العرب ضالتهم في حكامهم فالتفت كل جماعة منهم حول حاكمها وجعلت منه صنمها الأكبر وأخذوا يلتزمون بتعاليمه وينفذون له رغباته بعد أن أفهم كل حاكم من هؤلاء الحكام الناس الذين يلتفون من حوله أنه لا يطلب منهم شيئاً لنفسه أو لأولاده من بعده بل هو يطلب من رعيته تأدية حقوق خالقهم لا أكثر ولا أقل.
القذافي يقرأ لمن حوله من كتابه الأخضر
وتنافس هؤلاء الحكام العرب فيما بينهم على من سيكون الصنم الأكبر؟فمنهم من أعطى نفسه ألقاباً وصفات من صفات الخالق ومنهم من صاغ تعليماته في كتاب كـ (الكتاب الأخضر)وجعله كتاباً مقدساً لينافس به القرآن الكريم ولم يكتف البعض بذلك بل وجد حكام منهم يزرعون ما بداخل هذه الكتب في عقول الناشئة جنباً إلى جنب مع كتاب الله وسنة رسوله فتاهت عقول وقلوب هذه الناشئة بين حكامهم وبين خالقهم.
عندما يولد الولد الأكبر في الأسرة العربية يهلل له الجميع
عندما يولد الولد الأكبر في الأسرة العربية يهلل له الجميع سواء كانوا من أهل وأقارب الزوج أو من أهل وأقارب الزوجة على حد سواء ويتسابق الجميع من كلا الطرفين في اختيار إسم له يليق به ويتمنون له أن يكون على قدر من سُمي بإسمه وتنهال عليه الهبات والعطايا من كل حدب وصوب ولن يكتفوا باختيار الإسم له فقط بل سيختارون له ملابسه ومدرسته وجامعته وفي المستقبل يختارون له زوجته لو بقيوا من الأحياء.
ويعطوه البيضة وقشرتها
أي أنهم بذلك يعطون هذا الولد البيضة وقشرتها كما يقولون في أمثالهم الشعبية أو إذا شئت يعطونه الجمل بما حمل وبالمقابل سيطلبون منه مجالسة الكبار والإستماع إلى أحاديثهم كي يتعلم منهم إدارة الحوار والنقاش ليملأ الفراغ الذي لم يستطع والده أن يملئه في حياته أو بعد موته فيغادر هذا الولد حياة الطفولة مبكراً ويعيش في عالم آخر غير العالم الذي يجب أن يكون فيه.
وفي الغالب يخرج هذا الطفل مُدللاً قليل الخبرة
وفي الغالب يخرج هذا الطفل مُدللاً قليل الخبرة في الحياة يحتاج إلى الآخرين في كل شئ فأهله كانوا قد عوّدوه من صغره أن يكون الجميع في خدمته حتى أن أخواته البنات سيصبحن خدماً عنده في المستقبل وبسبب افتقاد الوالدين للخبرة الكافية في أصول التربية فهم قد يصيبون مرة لكنهم سيخطؤون في تربيته مرات وسينعكس كل ما سبق على شخصيته في المستقبل.
ويكون كثير المشاجرة مع إخوانه الأصغر منه سناً
لهذا فقد يتعرض هذا الولد إلى العديد من المشاكل النفسية والاجتماعية كالأنانية والانطواء أو الخوف الاجتماعي أو الشعور بالنقص والعدوانية أو التخريب أحياناً مما يجعل منه في الغالب متمرداً عندما يكبر في السن لا يبالي بالمسؤوليات الجسام التي ستلقى على كاهله ويكون في الغالب كثير المشاجرة مع إخوانه الأصغر منه سناً نظراً لخوفه وحرصه الشديدين على أن يكون الأول على إخوانه في كل شئ.
الحكي عند العرب منذ القدم أنواع:منه ما يسمى بـ (حـكـي فـاضـي)ومنه ما يسمى بـ (حـكـي جـرايـد)ومنه ما يسمى بـ (حـكـي كـبـار)ومنه ما يسمى بـ (حـكـي صـغـار)ومنه ما يسمى بـ (حـكـي رجـال)ومنه ما يسمى بـ (حـكـي نـسـوان)ومن أهم هذه الأنواع من أنواع الحكي عند العرب سواء كان ذلك في الماضي أو في الحاضر أو في المستقبل كما أعتقد هو (حـكـي الـرجـال) الذي عادة ما يوصف دائماً بالإلتزام والمصداقية والعمق والمسؤولية إلا إذا بدأ بقول أحدهم:نوينا التزهزه.
حكي النسوان
أما حكي النسوان فيتصف غالباً بالسطحية والتفاهة وسخافة الموضوع ولا يعيبه أبداً إذا خلا من من أيّ إلتزام أو مسؤولية أو مصداقية ودائماً ما يحب العرب أن يشيروا إليه باستخفاف كبير دون أن يعلموا أن حكي نسائهم هذا هو الذي يصنع لهم تاريخهم الموازي البعيد عن الأضواء لا بل هو الذي يصنع لهم تفاصيل حياتهم اليومية والإجتماعية الصغيرة التي قد لا يراها الكثير منهم والأهم من ذلك كله أن كلام النسوان هذا عند العرب هو الذي يزرع في عقولهم وقلوبهم وعقول وقلوب أطفالهم من بعدهم الحب والتسامح أو الحقد والكراهية.
تتداخل في المجتمع العربي صلاحيات كل من الأب والعم والخال والجد في الأسرة الواحدة!لكن تراثنا الموروث يقول أن (الخال مخلى والعم مولى) وهذا القول لا يُعتمد عليه إلا في حالة حدوث المصائب فقط أي عند تحصيل الحقوق لشخص مُعتدى عليه أما في المسرّات فتنعكس هذه الجملة لتصبح (العم إمخلى والخال إمولى) وهذا يعود لعدة أسباب منها أن الخال يدخل بيت أخته في أي وقت يشاء أما العمّ فعليه أن يستأذن قبل الدخول والأهم من ذلك كله أن لا منافسة بين الزوجة وأخيها (في البدايات) بينما تكون المنافسة على أشدها بين الزوجة وأخو زوجها وخاصة في البدايات الأولى من الزواج.
الوالد لا يستطيع التنازل عن حقه إلا بوجود الخال
روى لي صديق عزيز (أثق بروايته كثقتي به) أن طفلاً يركب دراجة كان قد إصطدم بسيارته في يوم من الأيام وفي الحال ذهب صديقي بهذا الطفل إلى المستشفى وكانت حالته بسيطة وهناك إتصل بوالده فحضر وعندما طلب منه صديقي أن يتنازل عن حقه في المخفر رفض هذا الوالد التوقيع إلا بوجود خال هذا الطفل فهو غير مخول بذلك طالما خاله موجوداً على قيد الحياة!فقاما بالإتصال بخاله وحضر خاله في الحال وتنازل عن حق هذا الوالد لصديقي.
رأيت أن أربط له العم بالضرب والخال بالجمع
أما أنا فقد كنت أعلّم طالباً في بيته وكان هذا الطالب لا يميز الأولوية بين عمليتي الضرب والجمع!فرأيت أن أربط له العم بالضرب والخال بالجمع ظناً مني أن هذا الطالب يعلم علم اليقين أن العم أولى من الخال وعندما سألته أيهما أولى الخال أم العم؟قال لي:طبعاً الخال يا أستاذ وبهذا أعادني إلى المربع الأول لكنني قبل أن أعود سألته:لماذا يكون الخال أولى من العم يا ولدي؟فأجابني الطالب:أنا يا أستاذ لم أر عمي أبداً في بيتنا بينما خالي فهو إن لم يكن عندنا فنحن عنده.
سميرة توفيق وهي تطلب هديتها من خالها
لهذا فنحن العرب يكون قولنا غير فعلنا كالعادة فحتى أغانينا اليومية التي تطل علينا بين الفينة والأخرى من أجهزة الراديو والتلفاز وتطربنا ونغنيها في أفراحنا ومناسباتنا تكون كلها للخال وليس للعم فهذه مثلاً المطربة (لورا خليل) تُذكّر خالها بقدوم العيد وتنتظر منه هدية وهذه المطربة (سميرة توفيق) أيضاً تطلب هديتها من خالها وليس من عمها بكل صراحة ووضوح ولا يقتصر الأمر على هاتين المطربتين فقط بل تعداها إلى المطربين أيضاً.
يقيد للمولود إسماً في شهادة الميلاد لا دخل له فيه وعليه أن يتحمل وزر هذا الإسم طوال حياته!
بعد أن يتزوج الرجل العربي لن يهدأ له ولأهله بال إلا إذا رُزق من زوجته بولد!فإذا لم يتحقق حلمهم هذا من الزوجة الأولى فيقومون بتزويجه من غيرها مرة أو مرات إلى أن يتحقق حلمهم الذي كانوا ينتظرونه سنوات!والسبب في ذلك كله أن الرجل العربي لا يحب أن يُكنّى بإسم إبنته إلا مكرهاً!وعندما يأتي هذا الولد سيجد نفسه (أي الولد) أنه قُيّد له إسماً في شهادة الميلاد لا دخل له فيه!وعلى هذا الولد أن يتحمل وزر هذا الإسم طوال حياته!إن كان خيراً وإن كان شراً!سواء كان هذا الإسم قد أعجبه أم لم يعجبه في المستقبل!.
لأنه من عائلة العدوان سمّى إبنه الأكبر عدوان!
ففي أحد الأيام كنت قد إلتقيت بشخص لا أعرفه وأردت محاورته فمن باب اللياقة كان لا بد لي من معرفة إسم ولده الأكبر كي أناديه بكنيته تلك وعندما سألته عن كنيته إبتسم وقال لي (وكأنه يعلم ما جناه على ولده الأكبر):أخوك أبو عدوان أي أنه سمّى ولده الأكبر عدوان!فاقشعر بدني من هذا العدوان دون أن أراه!فسألته على الفور:هل إنتهت الأسماء الحسنى من لغتنا العربية ولم يبق أمامك غير هذا الإسم؟فأجابني على الفور:إنني يا سيدي من عائلة العدوان ولا بد لي من إحياء هذا الإسم!فقلت له:حتى ولو كان ذلك على حساب الولد الأكبر؟قال:نعم!.
سمّى ولده الأكبر إسرائيل عندما كان إسرائيل نبياً!ولم يكن يعلم بأن هذا الإسم سيكون عنواناً للإحتلال والقهر والظلم والإغتصاب!
والتقيت مرة ثانية برجل آخر وعندما سألته عن كنيته كي أبدأ معه الحوار قال:أخوكم بالله (أبو إسرائيل) أي أنه كان قد سمّى ولده الأكبر (إسرائيل) فأدهشني هذا الإسم لا بل أخافني وأرعبني!وعندما إستهجنت عليه هذا الإسم قال:لقد سمّيت ولدي الأكبر إسرائيل عندما كان اسرائيل نبياً!ولم أكن أعلم بأن هذا الإسم سيكون في يوم من الأيام عنواناً للإحتلال والقهر والظلم والإغتصاب للشعب الفلسطيني!.
سمّى ابنه الأكبر لينين!
والتقيت مرة ثالثة في إحدى مدن فلسطين المحتلة برجل آخر كان قد عرفني على نفسه وقال:أخوكم بالله أبو لينين!أي أنه كان قد سمّى إبنه الأكبر لينين!وبهذا يكون هذا الرجل قد حمل إبنه وإبن إبنه وزر الشيوعية العالمية كلها دون أن يدري!وكان هذا الإسم وحده في مجتمع محافظ مثل مجتمعنا كفيل بأن يبتعد الناس عن هذا الولد ليس لعيب فيه بل بسبب إسمه ولن ينتظروا منه أن يروا أفعاله!.
لا يُميّز الرجل العربيّ باسمه الحقيقي إلا في دوائر الدولة فقط!
لا يُميّز الرجل العربيّ باسمه الحقيقي إلا في دوائر الدولة فقط!أما في مكان العمل أو في المسجد أو في الشارع أو في السوق فيجب أن يكون له كنية يُكنى بها غير إسمه الحقيقي!وفي الغالب يُكنى الرجل باسم والده وعلى الجميع أن ينادوه بأبي فلان!وعندما يتزوج الرجل قد يقبل إسم والده ويعتبره من باب بر الوالدين ومن ثم تقبل به زوجته على مضض!ومن الزوجات من لا يقبلن بهذا الإسم صراحة ويستبدلنه بإسم يليق بشخصها الكريم!.
وفلان هذا إذا لم يكن اسم والده فيختاره له أحد والديه أو أحد جديه أو أحد أعمامه أو أحد أخواله أو أحد أصدقائه أو زوجته أو حماته!
وفلان هذا إذا لم يكن إسم والده فيختاره له أحد والديه أو أحد جديه أو أحد أعمامه أو أحد أخواله أو أحد أصدقائه أو زوجته أو حماته أما إذا لم يسميه أحد من كل هؤلاء فيختار لنفسه إسماً يتناسب مع ميوله وأهدافه وطموحاته!وهناك أسماء معروفة سلفاً فمن إسمه علي يسمونه أبو حسن ومن إسمه حسن يسمونه أبو علي … وهكذا أما إذا كان غير ذلك من هذه الأسماء وكان هذا الرجل متديناً فيختار إسماً مما عُبّد وحُمّد!وإن كان قومياً فسيختار إسماً من الأسماء القومية!وإن كان هذا الرجل متحرراً أكثر من اللزوم فسيختار إسماً عالمياً!.