
في أحد الأيام كان قد حضر طالب من طلابي إلى غرفتي في المدرسة وأعلن عن عدم رضاه عن علامته في أحد الإمتحانات ودخل في مساومتي على رفع علامته في هذا الإمتحان فقلت له:أعندك إجابة صحيحة لم أصححها؟قال:لا فقلت له:أعندك إجابة صحيحة وأنا خطأتها لك؟قال:لا فقلت له:أعندك خطأ في جمع علامات الأسئلة؟قال:لا فقلت له:إذن ماذا تريد؟قال:أنا لم أحضر عندك كي أعرف الصح من الخطأ فأنا أعرف الصح جيداً وإنما أريد منك أن ترفع من علامتي لمصلحتك الشخصية أولاً ثم لمصلحتي ثانياً.

قاطعته في الحال وقلت له:لمصلحتك لقد فهمتها فكيف تكون لمصلحتي؟فتابع كلامه قائلا:أستاذي أتريد كذباً يخدعك لكنه يسعدك أم تريد صدقاً قد يشقيك؟فوالله إني أحبك وأحترمك لكنني أريد أن أقدم لك النصيحة فقلت له:من ينصح الآخر المعلم أم الطالب؟قال:في زمانكم كان الأستاذ ينصح طالبه أما وقد رضيت أن تدخل زماننا هذا وتدرسنا فعليك أن تقبل نصيحة طالب محب لأستاذه فقلت له:هات ما عندك يابني فكلي آذان صاغية فقال:أظنك قد نسيت ما كنت قد قلته لنا وأنت تعلمنا بأن (الأنهار تظل عذبة حتى تصب في البحار المالحة) وأظنك أيضاً أنك كنت قد نسيت ما كنت تقول بأن (الناس يدفنون الحسنات ويظهرون السيئة).

ثم تابع كلامه قائلا:لو علم والدي بعلامتي المُتدنية هذه فسيعمل فيك مثل ما عمل في مٌعلمة أختي فبالأمس عندما أحضرت أختي شهادتها المدرسية وكانت علامتها مُتدنية في مبحث الرياضيات شكى والدي معلمتها لإدارة المدرسة وقاموا بإنهاء عقدها فوراً وأظنك تعلم أن والدي مُتنفذ وأنا أخاف عليك من أبي ولا أريد منك أن تُنهي عقدك بيدك والكيّس من إتعظ بغيره قلت له:أرجوك أن تتحمّلني أنت وأبوك إلى أن تنتهي هذه السنة وأعدك أن أخرج من زمانكم هذا كي يبقى في ذاكرتي ذاك الزمان الجميل الذي كان المعلم فيه كالجبل لا يهزه الريح فلن أعُلم أحداً من بعدك وستكون أنت وأبوك مسك الختام في هذه المهنة المباركة.
