
قال: الآن، وبعد هذا الشرح والتوضبح والتلميح والتصريح عن الأولاد الذكور، وعن الإختلاف والخلاف بينهما، نأتي إلى دور البنات فما عندك منهن؟.
قلت: ليس عندي بنات والحمد لله، ولا أدري إن كانت هذه نعمة أم نقمة من الله تعالى، لأنني سمعت البعض يقول أنها نعمة أنعمها الله عليك، والبعض الآخر يقول أنها نقمة من نقمات الله عليك.
قال: قد أخالف البعض حين أقول لا بل هي على الأرجح نقمة وليست نعمة.

قلت: لكن الله كان قد عوضني بثلاث من البنات هن زوجات أولادي، فأنا أعتبرهن مثل بناتي تماماً.
قال: لا تتوهم كثيراً، ولا تشطح بي بعيداً، فعليك أن تعلم إذا كنت لا تعلم، بأن إبنتك هي إبنتك التي هي من صلبك فقط.
قلت: ولماذا هذا التجني على زوجات الأولاد؟ فقد تكون زوجة الإبن كالبنت تماماً لا بل أفضل منها إن أرادت هي ذلك.

قال: لاحظ أنك أنهيت كلامك يأن قلت: إن هي أرادت، وهذا مستحيل، فزوجة الإبن قد تحترم والد زوجها، لكنها لن تحنّ عليه، لأن البنت لا تحنّ إلا على أبيها.
قلت: تحن زوجة الإبن على أبيها فهمتها، أما ما لا أفهمه منك فلماذا لا تحن على حماها؟.
قال: عدم خبرتك في الحياة، أعطتك مثل هذا الإنطباع، وعليك أن تعلم يا صديقي، إن كنت لا تعلم، أن الإنسان عموماً في كل زمان ومكان (يحترم) السلطة، لكنه لا (يحنّ) عليها. فزوجة الإبن تعتبر حماها سلطة فوق سلطة زوجها، لهذا فقد تحترمه، ولكنها سوف لن تحنّ عليه، ولا تنس يا صديقي العزيز أن زوجة الإبن لا تحب أن يكون على زوجها سلطة غير سلطتها.

قلت: لم أكن في يوم من الأيام، سلطة على أبنائي، لا بل كنت أكثر من صديق لهم، وما أتكلم به معهم، لا أتكلم به مع أعز أصدقائي أو إخواني، وما صادرت لهم رأياً منذ نعومة أظفارهم، بل كنت أتركهم يختارون ما يريدون ويقررون لوحدهم، فيصيبوا مرة، ويخطؤوا مرات، لكن بالمقابل كان مطلوباً منهم، أن يتحملوا نتائج قراراتهم، ولا يتهربوا منها أو يُحمّلوها لغيرهم، وعلمتهم فوق ذلك كله، أن يكونوا أقوياء، إذا أرادوا أن يعيشوا أحراراً، فلن يكونوا أحراراً إذا لم يكونوا أقوياء، وعوّدتهم كذلك، على التفكير الناقد، من غير تجريح أو تسفيه لرأي غيرهم، وعلمتهم أيضاً، أن يثقوا بالناس من غير انقياد لهم، فلا موجه أو مفتي أو مستشار لهم في حياتهم، وجعلت شعارهم، إذا لم تكن الأول فلتكن الأخير.

قال: كل ما دافعت به عن نفسك، لا يعني زوجات أولادك بشيء، فزوجات أولادك لا يفهمن مثل هذا الكلام الذي قلته، فكل واحدة منهن تقول، ولو في قرارة نفسها: أنها وجدت ضالتها التي كانت تبحث عنها، ولا تريد أن يشاركها فيها أحد مهما كان هذا الأحد.
قلت: في هذه الحالة، ألا يستطيع الولد أن يقوم بدور البنت مع أهله في حال عدم وجود بنات في البيت؟.
قال: لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فكل شخص لما خلق له، فقد يقدم الولد بعض الخدمات لأهله لكنه لا يستطيع أن يقدم لهما الحنان المزروع في قلب البنت.

قلت: في هذه الحالة، ألا تستطيع زوجة الإبن أن تقدم الحنان المفقود لأهل زوجها في حال عدم وجود البنات في هذا البنت؟.
قال: الحنان في البيت لا يقدمه إلا البنات، أما زوجات الأولاد فلا يمكن أن يقدمنه لأن الله لم يخلق للشخص قلبين في جوف واحد، فزوجات الأولاد لا يقدمن الحنان إلا لأبائهن فقط.
