
كي تصل إلى أرض فلسطين عن طريق جسر الملك حسين عليك أن تمر في محطات تفتيش إسرائيلية مختلفة ومتنوعة وأول هذه النقاط هي نقطة الشهيد الدكتور القاضي رائد زعيتر وهي النقطة التي إستشهد فيها القاضي رائد زعيتر وتأتي بعد أن تقطع الجسر مباشرة وقبل أن تصلها الحافلة عليها أن تقف وأبوابها مغلقة على كل من فيها مدة لا يعلمها أحد إلا ذلك الجندي الإسرائيلي الذي سيقوم بتفتيشها!.

وعندما يحين وقت تفتيش هذه الحافلة ينزل منها الركاب تاركين أمتعتهم في مكانها إلى ساحة مسيجة تتسع لركاب الحافلة فقط وبها مرحاض للرجال وآخر للنساء وكولر من الماء البارد ومكتب مكيف للجنود اليهود وبعد نزول الركاب منها يصعد أحد الجنود إلى داخلها لتفتيشها ويقوم آخر بتفتيشها ألكترونياً من الخارج وبعد أن ينتهوا من مهمتهم هذه يأمرون الركاب بالصعود إلى حافلتهم وتتابع خط سيرها إلى أن تصل إلى ساحة الإنتظار قبل الدخول إلى نقطة التفتيش الرئيسية!.

ومن الجدير بالذكر أن اليهود بعد أن قاموا باغتيال القاضي رائد زعيتر في هذه النقطة كان الناس عند نزولهم من الباص يقرؤون الفاتحة على روحه ويذكّرون بعضهم بعضاً بالشهيد وخوفاً من أن تبقى هذه الحادثة في ذاكرة الناس قام اليهود بإلغاء نزول الركاب من الباص لتفتيشه من الداخل واكتفوا بتفتيشه من الخارج فقط!رحمك الله يا قاضينا الشهيد فلم يذهب دمك هدراً فقد أرحت الناس من بعض معاناتهم بعد إستشهادك!.

وبعد أن يحن علينا الجنود في ساحة الإنتظار تدخل الحافلة إلى نقطة التفتيش الرئيسة ويمنع سائقها من فتح باب حافلته إلا بأمر من الجنود ولك أن تتخيل هذه الوقفة وما يتخللها من صياح الأطفال قبل أن ينزل منها الركاب وبعد أن يجود علينا الجنود يأمرون بفتح باب الحافلة فينزل الركاب منها ويقوم كل راكب بتحميل أمتعته والسير بها إلى نقطة الجمارك وفحص الأمتعة وهناك تأخذ حقائبك رقماً وللحصول على هذا الرقم عليك أن تقف في طابور طويل أمام شباك واحد مع العلم أنه يوجد شبابيك عديدة لكنهم يتعمدون فتح شباك واحد كي يقوم الموظف بلصقه على جواز سفرك ثم تدخل هذه الأمتعة على حزام متحرك كي تخرج بعد تفتيشها آلياً إلى قاعة كبيرة بعد أن يقوموا بوضع علامات على الحقائب التي يرغبون بتفتيشها يدوياً أو جمركتها.

أما الركاب فبعد أن يعطوهم أرقام حقائبهم يسيرون بضعة أمتار إلى منطقة التفتيش الأمني الآلي وهناك حدث ولا حرج فهم يفتشون كل شيء حتى الأوراق الثبوتية للمسافر ومن يشكون به يدققون عليه أكثر بعد عملية إنتظار قد تطول حسب مزاج الموظف وبعد ذلك يدخل من يخرج منهم من ممرات التفتيش إلى قاعة كبيرة لختم أوراقه الثبوتية المتنوعة!فمنهم من يحمل جواز سفر السلطة الفلسطينية ومنهم من يحمل الجواز الأردني ومنهم من يحمل تصريح زيارة ومنهم من يحمل هوية القدس وكل له مسربه ومتطلباته وبعد أن ينتهي المسافر من هذه الشبابيك يخرج إلى مكان تجمع الحقائب والأمتعة وعليك أن تنتظر وصول أمتعتك ومن تصل أمتعته يقوم بأخذها ليخرج من باب يوصله إلى العالم الآخر عالم الحرية!.

ولا بد لي أن أذكر أن هذه المحطة كانت في الماضي ولا تزال هي الأصعب!ففيها يختلط الحابل بالنابل وتتساوى المرأة بالرجل والشاب بالصبية والطفل بالشيخ!فيها تسمع صراخ الأطفال وأنين الشيوخ ودعاء الأمهات!وفيها ترى إهانة الآباء والأجداد!وفيها كنت ترى بعينيك شيخاً كبيراً وهو يخلع حذائه وعقاله ويضعها معاً في صندوق واحد ليأتي من يحملها من اليهود بحجة فحصها!وفيها كنت ترى الناس وهم حفاة وشبه عراة يفتشون يدوياً وآلياً داخل صناديق خشبية واحدة للرجال ومثلها للنساء بعد أن يخلع الشخص فيها ملابسه ويفتش ما بين رجليه آلياً!.

وبعد أن يُفتَّشوا يقومون بارتداء ملابسهم التي كانوا قد خلعوها قبل عملية التفتيش وبعد خروجهم من هذه الزنازين الخشبية يبدأ كل واحد منهم في البحث عن حذائه وعقاله وما أن يجده ويلبسه قد يجد نفسه مطلوباً للمخابرات الإسرائيلية وهي عملية إستعراضية لا أكثر ولا أقل غرضها إثبات الوجود الإسرائيلي وتجميع معلومات من الناس لاستخدامها في التحقيق عند اللزوم!.
