
دخل محمد بن واضح دار الخليفة المأمون العباسي وخلفه أكثر من خمسمائة راكب بعضهم راغب إليه وكلهم راهبٌ منه وهو إذ ذاك كان يتولى أعْمالاً كثيرة من أعْمال الأمة التي كان قد كلفه فيها أمير المؤمنين فتوهم هذا الوالي بأن الخليفة المأمون لن يجد بديلا عنه لو ترك مناصبه يوماً فأراد هذا الوالي أن يتدلل على الخليفة المأمون كي يعرف منزلته عنده.

فقال الوالي لأمير المؤمنين يوماً: يا أمير المؤمنين أعفني من عمل كذا وكذا وكذا فإنه لا قوة لي عليهم وقالها وهو يظن أن الخليفة المأمون لن يُعْفيه من القيام بهذه الأعمال المهمة لكن الخليفة المأمون لم يكن يتوقع مثل هذا الكلام من رجل كان قد اختاره بنفسه من بين كثير من الرجال الذين هم في مثل كفاءته بل أكفأ منه فغضب الخليفة المأمون من الوالي وقال له: لقد أعفيتُك يا هذا من كل شي.

اندهش الحضور مما رأوْا وسمعوا وانتشر الخبر في أنحاء القصر الأموي حتى وصل إلى مرافقي محمد بن واضح وعندما همّ الوالي محمد بالخروج من القصر لم يُودعه أحد من الموجودين في القصر ولم يُرافقه أحد ممن كانوا قد دخلوا معه القصر إلا غلاماً واحداً لم يسمع بالخبر لكنه عندما سمع بالخبر قال: صدق أمير المؤمنين علياً حين قال: إذا أقبلت الدنيا على أحد أعارته محاسن غيره وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه.
