
شجع الحكام العرب ومن يدور في فلكهم لعبة كرة القدم دون غيرها من الألعاب، واستحدثوا لها الملاعب والنوادي وروابط المشجعين وأغدقوا عليها وعليهم المال الوفير والجاه الكبير، ولم يكتفوا بذلك بل فتحوا للرياضيين منهم أبواب الجامعات على مصراعيها ليدخلوها معززين مكرمين تحت مُسمى (النشاط الرياضي) وجعلوا من حضور مباريات كرة القدم وتشجيع فريق دون الآخر واجباً وطنياً كبيراً كي يشغلوا شعوبهم عنهم وعن سياساتهم الخاطئة.

ولم يقتصر هذا الدعم والتشجيع على منتخبات الحكام العرب الوطنية والمحلية، بل امتد هذا الدعم والتشجيع إلى دعم وتشجيع المنتخبات العالمية، فنصبوا للناس الشاشات الكبيرة في الشوارع والحدائق والساحات العامة لمتابعة وتشجيع وتأييد هذه المنتخبات في مبارياتها العالمية، وانقسم البيت العربي الواحد إلى من يؤيد فريقاً دون غيره من الفرق العالمية المشهورة حتى وصل بهم الأمر أن أصبح الرجل من ذوي الميول المدريدية عندما لم يجد عيباً في زوجته يتهمها بأن ميولها برشلونية.

لم يكن هؤلاء الحكام العرب يعلموا أن كرتهم المدورة هذه ستشق مجتمعاتهم إلى أنصاف وأرباع وأثمان بعد أن يتمحور كل من في قلبه مرض حول هذه النوادي تحت مُسميات مختلفة وكثيرة، أهمها رابطة مشجعي النادي الفلاني والنادي العلاني وأخذت هذه الروابط تشجع فريقاً على آخر بطريقة همجية حتى أصبحت سُنة من سُننهم، فأشغلوا بذلك قوات الأمن والدرك بالجمهور في الملاعب وانشغل الجمهور بقوات الأمن ونسيت الناس أدوارها وأهدافها ومشاكلها واستبدلوها بأهداف كروية بحتة.
ومن أجل ذلك قاموا بتحفيظ الناس أغاني وأهازيج كروية لتغييب عقولهم وملء قلوبهم بالحقد والكراهية، أما على المستوى المحلي فبالأمس القريب فاز منتخبنا الوطني الأردني في آخر مبارياته على أوزبكستان وهلّل وصفق له الجميع دون أن يعلموا شيئاً عن الثمن الذي دفعه وسيدفعه مجتمعهم مقابل ذلك ولا عن الثمن الذي يطلبه هذا المنتخب مقابل ذلك. فبعد النصر المؤزر الذي حققه منتخبنا الكروي على فريق أوزبكستان قررت حكومتنا الرشيدة أن تكافئهم فقامت بصرف 15 ألف دينار فقط لا غير منحة لهذا المنتخب.
