
كان علينا نحن طلاب قرية خربة قيس قبل سنة 1967 وأنا منهم أن نقطع وادي الشاعر مرتين في اليوم الواحد: مرة في الصباح عند ذهابنا لمدرسة سلفيت الثانوية والتي تبعد عنا حوالي 4 كم ومرة أخرى في المساء عند عودتنا من هذه المدرسة إلى قريتنا وكنا عندما نصحوا صباحاً من نومنا ننظر إلى شمال القرية لنرى (الشعابي) القادمة من (خلة سعد) و (الدرجة) فإذا كان الماء الجاري فيها فوق المعدل الطبيعي فهذا يعني أن وادي الشاعر (مانع) ولا نستطيع قطعه فنعود للنوم ثانية أما إذا كانت مياه هذه الشعابي في معدلها الطبيعي فهذا يعني أن الوادي ممكن قطعه وعلينا أن نستعد للذهاب إلى رحلة المدرسة.

عندها يحمل كل واحد منا كتبه في كيس كانت أمه قد جهزته له سلفاً مما تيسر لها وتوفر عندها من قماش قديم وهذا الكيس له علاقة ليعلق بها إما على أحد الكتفين أو كليهما ويوجد في هذا الكيس أيضاً رغيف من الخبز مدهون بالزيت ومعه رأس من البصل وحبة بندورة إن وجد وبعد أن يحمل هذا الكيس يقوم كل منا بإدخال رأسه طنطور يغطي رأسه كله ما عدا عينيه فله فتحتان كي تتم عملية الرؤيا ونلبس بعدها القندرة بدون جرابات ونلتقي جميعاً في منطقة السحيلة لأن مجرى هذا الوادي في هذه المنطقة يكون أضعف ما يمكن.

وهناك نخرج أيدينا من جيوبنا بعد أن تكون قد تورمت من شدة البرد والصقيع ونمسك ببعضنا بعضاً لنشكل قطار ونقطع الوادي دون أن نخلع أحذيتنا لأنها مبتلة قبل أن نصل إلى هذا الوادي ودون أن ننظر إلى سطح الماء بل ننظر إلى أعلى خوفاً من زغللة عيوننا هكذا كانوا قد أفهمونا فيبتل نصفنا الأسفل إذا لم يكن مبتلاً قبل أن نصل إلى هذا الوادي وتمتلئ أحذيتنا بالماء وما أن نصل إلى الجهة المقابلة لهذا الوادي حتى نقوم بخلع أحذيتنا لتفريغها من الماء الذي كان قد دخل بها ثم نلبسها ثانية.

بعدها نقوم بتسلق جبل شاهق الإرتفاع إلى أن نصل إلى قمته وفي هذه الأثناء إذا إشتد علينا المطر فعلينا أن نبحث عن أقرب شقيف أو مغارة أو أية مكان يقينا من هذا المطر وبعد أن يخف المطر نواصل السير إلى أن نصل إلى قمة جبا راس الطف بعدها نسير في طريق فرخة وكان هذا الشارع ترابي يوحل في فصل الشتاء وهناك يلتف الوحل حول أقدامنا فيصعب علينا حركتنا وعلينا أن نزيله بين فترة وأخرى وكثيراً ما كان ينغرز الحذاء في الوحل وتخرج أقدامنا بدونه.

ونبقى على هذا الحال إلى أن نصل للمدرسة وهناك على مدخلها كنا نجد الأستاذ المناوب واقفاً ومعه عصاه ويطلب منا أن نفتح أيدينا ويقوم هذا الأستاذ بضربنا بعصاه نتيجة تأخرنا عن الطابور الصباحي ولو لبضعة دقائق بعدها ندخل الصف ونجلس على المقعد الخشبي ونصفنا الأسفل مبتلا وأيدينا وأرجلنا متورمة من شدة البرد ومن ضربات الأستاذ المناوب فلا نستطيع الكتابة طول هذه الحصة وما أن تدخل الحصة الثانية حتى تكون ملابسنا قد جفت والدم قد بدأ يجرى في عروقنا بعد أن كان متوقفاً بعدها نقضي اليوم الدراسي ونحن نراقب الحالة الجوية فإذا زاد المطر زاد همنا فقطع الواد في العودة ينتظرنا.

الله عليك استاذي حركت حنيني للخربه
إعجابإعجاب
انت مين اظهر وبان عليك الأمان
إعجابإعجاب
كل الاحترام على ما قدمته في هذه الصفحات , اولا انا الان اعمل ليلا في مصنع الباطون القريب من خرية قيس.,وثانيا كثيرا ما امشي بين الخربة وسلفيت والمزارع وعمورية وفي الوديان والجبال القريبة لالتقاط الصور لاني اقوم بالتصور , ومن ارشيفي المصور هناك ملف كامل عن الزهور البرية هنا في الوطن ,
صدفة تعرفت على هذا الموقع المميز
كل التقدير اخي جميل
ورحمة الله عليه ابو احمد فقد عملنا معنا في مركز المسنين حين كنت موظفا في الادارة
مرة اخرى كل الشكر لكم
اخوكم
ياسر ماضي
إعجابإعجاب