
قبيل أن أمارس رياضة المشي اليومي، كنت قد اتخذت قراراً بأن أستغل جهاز الراديو الموجود في هاتفي النقال، كي أستمع إلى شئ من الأغاني المفرحة، لتخفف عني شيئاً من الملل الذي يسببه لي ذلك المشي اليومي المتكرر، وما أن وضعت السماعة في أذني، وفتحت جهاز الراديو، وإذا بمطربة الشباب والشابات، نانسي عجرم تغني، فقلت في نفسي: دعني أستمع لهذه المطربة الشابة، فقد تعيد لي الشباب، ولو مؤقتاً، وبدأت أستمع لها، وإذا بها تغني لحبيبها أو لزوجها إذا أحسنا النية، وتقول له: زعـلان… إزعـل نـص نـص… أحـسـن هـبـعـد… أبـعـد… أه… ونـص… وهـتـبـقـى أنـت أكـيـد خـسـران.
أي أن نانسي عجرم، لا تريد أن تسأل حبيبها عن السبب الذي كان من أجله قد غضب، كي تراضيه مثلاً، لأن مثل هذا السبب لا يهمها، مهما كان نوعه، بل كل ما يهمها، أن يقسم غضبه (من تصرفاتها الصبيانية معه ومع غيره) على إثنين، ثم بعد ذلك يأخذ نصف الغضب المتبقي، وإذا بقي غاضباً بعد كل هذا التخفيض فهي تهدده بأنها ستتركه في الحال، وتفتش لها عن شخص آخر غيره، لا يغضب أبداً، فلم يعد الحب للحبيب الأَول، كما كانوا قد أفهموه في الماضي، وعندما تجد مثل هذا الشخص (الذي لا يغضب أبداً) سيكون هو أكيد من أول النادمين، والخاسرين، والمدحورين عندها لا ينفع الندم.

ثم تواصل غنائها وتقول: يَابْنِي اِسْمَعْنِي … هتدلعني … تاخد عَيْنِيّ كَمَان، فهي لم تكتف بذلك، بل تطلب من حبيبها، إن أراد منها شيئاً، أن يدلعها كي تعطيه ما يريد، وأعجبت نساؤنا بالفكرة، وأخذن يطالبن أزواجهن بالتدليع الدائم، وليس المؤقت، وبهذا حصلت نانسي عجرم على ما أرادته، ففي أحد الأيام، حضر إلى المدرسة، ولي أمر طالب، ليسأل عن ولده، وبعد أن شكوت له كسله في الدراسة، وإذا به يفتح هاتفه الشخصي، ويطلب مني، إعادة كلامي هذا إلى زوجته، الدلوعة كي تصدقه، بعد أن تحولت حياتهم إلى دلع في دلع، فكيف له أن يدلعها بخبر كهذا؟.
