
في الماضي القريب لم تكن السيارات والرافعات موجودة في حياتنا كما في هذه الأيام بل كان لكل قرية أو بلدة أو حارة في مدينة عتّالها الذي كان يقوم بما تقوم به السيارات في أيامنا هذه على اختلاف أنواعها ومسمياتها. وكان هذا العتال يحمل على ظهره كل ما لا يستطيع حمله الرجل العادي ويريد نقله من مكان إلى آخر، فقد يحمل على ظهره كيساً كبيراً من القمح ويذهب به إلى الطاحون لطحنه، وقد يحمل على ظهره خزانة كبيرة بعد شرائها أو بيعها، وقد يحمل مريضاً على ظهره لنقله إلى العيادة الصحية والعودة به إلى البيت.

ومن الجدير بالذكر أن مهنة العتالة هذه ليست لها عمر معين، فقد يكون العتال صغيراً في السن وقد يكون شاباً وقد يكون شيخاً كبيراً. أما عتال بلدنا الذي أنوي أن أحدثكم عنه فقد كان في العقد السادس من عمره، لم يتزوج لقلة ذات اليد بل كان يعيش وحيداً مع أمه المقعدة في كوخ صغير من صنع يديه. كان أهل البلد يحبونه ويحترمونه لأنه كان يقضي لهم حوائجهم بقروش معدودة، لا بل يشفقون على حالته فكانوا يدعونه عند كل وليمة يقيمونها في الأفراح أو في الأتراح.
