
صاحبنا الذي أنوي أن أحدثكم عنه هو شاب صغير في السن من احدى قرى فلسطين كان قد ترك المدرسة في مطلع الستينات من القرن الماضي وسافر إلى الكويت ليبحث له عن عمل هناك وما أن وصلها حتى قبل بأول عمل عُرض عليه وهو مساعد ممرض في احدى المستشفيات وبعد فترة قصيرة من الزمن أتقن مهنته وأحبها وأخلص لها فعينوه ممرضاً مسؤولاً فزاده هذا الترفيع تواضعاً وأصبح صديقاً لكل من يدخل المستشفى مريضاً ويغادره سليماً.
كبر هذا الشاب وحان عنده وقت الزواج لكنه غريب الدار فلا أقارب ولا أصدقاء يستطيع أن يعتمد عليهم فقرر أن يستفيد من معارفه وبدأ في استعراض قائمة بأسماء الذين يدخلون عليه العيادة ليختار منها الشخص المناسب لهذه المهمة وبينما هو كذلك دخلت عليه احدى المراجعات فرأى فيها صورة أمه واختارها على الفور من دون أن يكمل استعراض بقية أسماء القائمة وعرض عليها مشكلته وطلب منها مساعدته في زواجه.

لم تخيّب هذه المرأة ظنه عندما قالت له:يوجد عند جيراننا بنتاً أرضاها لك يا ولدي فقال لها:وكيف لي أن أراها وتراني؟فقالت له:الجدري بدأ ينتشر في البلد وسأقنع سكان العمارة التي أسكنها بأهمية التطعيم وسأبلغهم بأن ممرضاً من وزارة الصحة سيحضر لتطعيمهم إلى البيت ليوفر عليهم عناء رحلتهم إلى المستوصف وسأضرب لهم موعداً مناسباً أفضله أن يكون يوم الجمعة القادم عندها تحضر أنت في هذا الموعد ومعك المطاعيم اللازمة وتبدأ في تطعيم الجميع وعندما يأتي دور البنت أعطيك بيدي إشارة ومعها كلمة من لساني إذا احتاج الأمر فإذا أعجبتك البنت ما عليك إلا أن تترك الباقي عليّ يا ولدي.

وجاء الموعد المحدد بينهما وجهز صاحبنا حقيبته الطبيّة وارتدى ثوبه الأبيض وذهب للعمارة التي تسكن فيها عروس المستقبل لكن بصفة رسمية وبدأ في تطعيم أفراد العمارة فرداً فرداً إلى أن جاء دور العروس المُقترحة فأشارت المرأة إليها بيدها ففهم إشارتها وأخذ يتمعن فيها جيداً دون غيرها من النساء ورأى منها ما لا يمكن أن يراه العريس من عروسته في الوضع الطبيعي فأعجبته هذه العروس وما كان منه إلا أن أعطى هذه المرأة إشارة البدأ في الدخول في التفاصيل معها ومع أهلها.
