
عمان ليست كغيرها من العواصم العربية، ففيها تتعايش ثقافات رئيسية ثلاث: ثقافة المدينة وثقافة القرية وثقافة البادية، وعلى جوانبها تعيش ثقافات الأقليات الأخرى: كالأكراد والتركمان والشيشان والشركس والشوام والمغاربة والأرمن والسريان وغيرهم، وقد تلتقي هذه الثقافات حيناً ولكنها تتصادم في معظم الأحيان. فقد يصحو المرء في عمان من نومه صباحاً فلاّحي الثقافة وعندما يذهب إلى عمله يجد نفسه قد أصبح مدنيّ الثقافة وفي المساء قد يجد نفسه بدويّ الثقافة، وشتان ما بين هذه الثقافات الثلاث في المفاهيم والقيم والنظرة إلى الحياة.

ومما زاد الطين بلّة أن أهل هذه الثقافات تزاوجوا من بعضهم البعض، فأصبح البيت الواحد في عمان يعيش بثقافتين مختلفتين وربما أكثر، وعادة ما تفرض الثقافة الأقوى نفسها على الثقافة الأضعف. لهذا أصبحت المفاهيم تختلف حتى داخل البيت الواحد عند الكثير من الناس، وبالتالي تختلف معها مقاييس التربية والأخلاق والعادات والتقاليد، فتوزّع الأولاد بين هذه الثقافات المختلفة وأصبحت ثقافتهم هجيناً من ثقافات أهاليهم.
