
القاضي: القضية الهامة التي سنستمع إليها أيها السادة الحضور لهذا اليوم هي ما تدعي به الزوجات على أزواجهن بأنهم (الأزواج) يقوموا بغلق أبواب ونوافذ غرفهم على أنفسهم وينقطعون بذلك عن عالمهم الخارجي (وبالذات عن زوجاتهم) ليدخلوا في خلوة مع أنفسهم قد تستمر من يوم إلى يومين وهم بذلك يقومون بإجازة عاطفية شبه شهرية ليبتعدوا فيها عن زوجاتهم وهذا بحد ذاته كان (ولا يزال) يسبب ضيقاً للزوجات خلال هذه الفترة.

حواء: سيدي القاضي أقف بين يديكم اليوم لا لأتهم الأزواج أو أدافع عن الزوجات فكلهم أولادي بل جئت إلى هنا لأوضح لكم وللناس كافة أن الأزواج يمرون بهذه الخلوة العاطفية الشهرية بعد السنة الأولى من الزواج (كما الزوجات تماماً مع فارق التشبيه) لهذا اسمح لي يا سيدي القاضي أن أشرح لكم ما يفعله الأزواج خلال هذه الخلوة بزوجاتهم فالأزواج عندما يقومون بإغلاق الأبواب على أنفسهم بصفة دورية تكاد تكون شهرية ويبتعدوا فيها عن زوجاتهم مما يجعل زوجاتهم يعشن في فراغ عاطفي خلال هذه الفترة ثم يتلوها صدمة وحيرة وتصبح كل واحدة منهن تفسر خلوة زوجها بنفسه بما يحلو لها وعلى هواها.
القاضي: إن ما قالته حواء على مسامعكم في هذه الجلسة ما هو إلا وصفاً للحالة دون المرور على الأسباب والنتائج لهذا يتوجب على آدم أن يوضح لنا هذه الأسباب والفوائد التي تنعكس على الزوجيين بعد أن يقوم الزوج بهذه الخلوة.

آدم: سيدي القاضي إن النساء في العادة لا يقلن إلا نصف الحقيقة أما في هذا الوضوع بالذات فالزوج يا سيدي بعد أن يعيش مع زوجته فترة لا بأس بها من الزمن يرى ويسمع منها الكثير فيصحح ما يستطيع تصحيحه والباقي يخزن في ذاكرته وما أن تُملأ ذاكرته حتى تجده يمر بخلوة عاطفية تكون في العادة شهرية (مثل زوجته تماماً) وعليه تفريغها وإلا سيختنق حباً بعد انقضاء العام الأول من الزواج (عام إطفاء الغرائز) الذي بعده يبدأ الزوج في الشعور بفقدان التوازن العاطفي بينه وبين زوجته حتى لو كانت زوجته قمر الزمان في جمالها فالقمر يا مولاي يبدأ هلالاً ويكبر ليصير بدراً بعدها يبدأ في التقلص حتى يختفي تماماً ليعود ثانية.

فالزوج يا سيدي مثله مثل القمر تماماً لا بد له من أن يعيش وحده ليتمكن من الدخول في أعماق نفسه وما أن يغلق الزوج على نفسه أبواب كهفه حتى تبدأ زوجته في ملاحقته فتقتحم عليه خلوته ظناً منها أنه هارب منها فتزيد بذلك الطين بلة وتطيل من فترة انسحابه منها دون أن تدري وبعد أن تنتهي هذه الخلوة التي تستمر من يوم إلى يومين على الأكثر يكون قد سجل في اللاوعي عنده كل الملاحظات السلبية والإيجابية لزوجته في الفترة التي تسبق خلوته.

وبعد أن تنتهي هذه الخلوة التي قام بها الرجل يعود ثانية إلى زوجته وكله حب وشوق لها أو العكس يكون قد فرغ ما كان بجعبته من حب وشوق لزوجته ومع تكرار هذه الخلوات في المستقبل تتراكم في ذاكرته إيجابيات زوجته فيحبها أكثر أو قد تتراكم سلبياتها وأخطائها فيبدأ حبها يقل ويتناقص في قلبه والكثير من الزوجات لا يفهمن كيف يتغير حب الزوج لزوجته مع الأيام والسنين فحب الزوج لزوجتة قد تزيده هذه الخلوات وقد تنهيه ويتلاشى حتى لو كان زواجهما جاء بعد فترة من الحب والعشق.
