
قطع منادي الصلاة حديث صاحبنا مع هذا الرجل المسن وعلى الفور دعى الرجل المسن صاحبنا إلى أداء فريضة الصلاة في وقتها فعرض عليه صاحبنا أن يوصله إلى المسجد بسيارته إلا أن الرجل المسن رفض عرضه هذا وأصرّ على أن يذهبا معاً مشياً على الأقدام لأن المسجد أقرب مما يتصور صاحبنا وعندما إنتهوا المصلون من تأدية صلاتهم خرج الأحياء منهم وبقي الأموات الأحياء بعد أن تجمعوا حول صاحبنا صامتين مندهشين فهم يرونه لأول مرة مع رفيقهم الرجل المسن.

وعلى الفور قطع الرجل المسن صمت المكان وقال لهم: صاحبنا هذا مُتقاعد جديد يمكن لكم أن تستفيدوا منه وتعلموا منه ما إنقطع عنكم من أخبار دنياكم طيلة هذه السنين وما إن سمعوا بذلك حتى تحلقوا حول صاحبنا وطالبوه أن يحكي لهم حكايات من دنياهم التي كانوا قد غادروها مُجبرين أو مُخيرين فوجدها صاحبنا فرصة ثمينة له (بعد أن رفض سماعه الأحياء) بأن يأخذ ما كتبه من حكايات ومقالات ويرويها على مسامعهم لعلهم يسمعونها فيطمئنوا أو يقلقوا على ما كانوا قد قدموه في دنياهم ووعدهم أن يكون له لقاء يومي معهم بعد صلاة العصر من كل يوم يُحدثهم فيه عن أشياء لا زالت عالقة في أذهانهم ويريدون لها جواباً لها.

وفي عصر اليوم التالي ذهب صاحبنا ليفي بوعده وإذا بالمسجد مكتظ بمن فيه بعد أن أبلغ كل واحد منهم أصدقائه الذين لم يحضروا لقاء الأمس وما أن إنتهى صاحبنا من صلاته حتى تحلق الأموات الأحياء من حوله قائلين: خبرنا يا رجل عن أحوال دنياكم التي كنت فيها؟ ردّ عليهم صاحبنا: عن أي شيء تريدون أن أحدثكم؟ قالوا: عن كل شئ فنحن مشتاقون لسماع أحوالكم في الدنيا بعد هذا الغياب الطويل عنها فقال لهم صاحبنا: إن الحكواتي الذي كنتم تعرفونه في دنياكم قد إنتهى دوره وأنا لن أكون الحكواتي الذي كنتم تعرفون!من له سؤال مُحدّد فليسأله؟ وأنا سأجيبه عنه في الحال.
