
ركبنا سيارة الأجرة من مدينة الكويت صباحاً وما إن خرجنا من العاصمة حتى وجدت نفسي في صحراء شاسعة قاحلة لا خضرة فيها ولا ماء إلى أن وصلنا مدينة البصرة وما أن وصلتها حتى بدأت في الترحم على والدي عندما تذكرت أنه قطع كل هذه المسافة مشياً على الأقدام ليصل إلى الكويت بينما أنا تعبت من ركوب السيارة ثم تذكرت ما كنت قد قرأته عن أبي جعفر المنصور الذي كان قد أحصى عدد مساجد البصرة فوجدها 17 ألف مسجداً وأحصى الفقراء الذين كانوا يعيشون في مساجدها فوجد عددهم 60 ألفاً بمعنى أنه كان في كل مسجد يرابط أربعة أو ثلاثة من الفقراء فقط فتعجبت بما كنت قد قرأت وما رأيت.

بعد ذلك تذكرت أستاذي الذي درّسني اللغة العربية في المدرسة الثانوية وهو يشير إلى خلافات البصريين مع الكوفيين في كل معلومة نحوية يشرحها لنا لكنني وجدتهم اليوم عكس ذلك تماماً فهم قد اتحدوا تحت هذا الكم الهائل من الشعارات البراقة والجذابة والمرفوعة على أكتاف وجوانب الشوارع والطرق عندها فهمت أننا أمة نحب الكلام لا أكثر ولا أقل بعد أن قارنت بين ما تقوله هذه الشعارات وما ينطبق منها على الأرض.
