حوار مع رجل دمشقي


imagesCAKY0B6R
دمشق في القلب

وصلت إلى دمشق قادماً من حلب ومتجهاً إلى الكويت وفور وصولي بدأت البحث عن مكتب سياحة وسفر من أجل حجز مقعد لي على الطائرة المتجهة إلى الكويت في نفس اليوم وعلى الأكثر باليوم التالي ظناً مني أن الطائرة كالسيارة أركبها وقتما أشاء عندما وجدت ذلك المكتب دخلت وحييت من فيه وطلبت حجزاً للكويت اليوم أو غداً فاجأني موظف المكتب عندما قال لي: إن أقرب حجز لك إلى الكويت سيكون بعد أسبوع من الآن فقلت له: إن الفلوس التي بحوزتي تكفيني اليوم وبالكاد غداً أرجوك أن تقدم حجزي كي أحفظ ماء وجهي فردّ عليّ بلهجته الشامية المحببة إلى نفسي قائلاً: هذه مُشكلتك.

-----6~1
مكتب سياحي في دمشق

استمر في عمله دون أن يعرني أيّ انتباه إلى أن ساد الصمت بيننا للحظات قطعه صوت الباب يُفتح ورجل يدخل علينا ـ يقف الموظف له مُرحباًـ طالباً من الموظف أن يحجز له مقعداً على طائرة الكويت فقال له الموظف: حاضر أخي فلان أعطني جواز سفرك وسأحجز لك على طائرة الغد إن شاء الله وافق الرجل وحجز له وودّعه وانصرف. 

images
الناس سواسية كأسنان المشط 

قلت للموظف: لماذا يا أخي لم تستجب إلى طلبي ولم تقبل رجائي بينما حجزت لهذا الرجل غداً دون أن يُلزمك بموعد؟ قال الموظف بعد أن استغفر الله وحمده: أتدري من هو هذا الرجل؟ فقلت له: لا أدري ولا أريد أن أدري ولكنني أدري أن الناس سواسية كأسنان المشط فقال: مشط الأمس يا سيدي غير مشط اليوم وأنت عن أي مشط تتكلم؟ مشط الأمس كان يصنع من عظم الحيوان فكانت أسنانه كلها متساوية لأن كل الناس كانوا يُسرّحون شعورهم بطريقة واحدة. 

12e4be14303cbc0dbe76ebc13b88a17d49b60a32
لم يعد مشط الأمس مشط اليوم 

أما اليوم فلهم في تسريح شعورهم مذاهب وطرائق ولم يعد مشط الأمس يُستخدم اليوم فأنا مثلاً لا أسرّح الجزء العلوي من شعري كالسفلي وفتح دُرج مكتبه وأخرج منه المشط الذي يتكلم عنه وإذا به صف واحد بحجمين مختلفين من الأسنان نصفها من النوع الكبير ونصفها الآخر من النوع الصغير وقال: إن هذا المشط يمثل مجتمعاتنا العربية في هذه الأيام الكبير فيها يُصغر نفسه ليبدوا صغيراً والصغير يُكبر نفسه ليبدو كبيراً كي يتكلم الجميع عن المساواة وما هي بمساواة لكنها خيلت لهم.

unnamed
سؤال لم أكن أتوقعه 

ثم سألني سؤالاً ما كنت قد فكرت به سابقاً ولم أتوقعه اليوم ولن أعرف جواباً له حتى في المستقبل من أي النوعين أنت؟ وتابع كلامه دون أن ينتظر مني جواباً لسؤاله: هذا الرجل من أسنان المشط الكبيرة فهو تاجر كبير كثير السفر ومن أمثاله أعيش أما أنت فمن أسنان المشط الصغيرة تحجز عندي مرة ولن تعود ثانية. 

untitled
بطيخ للبيع

تذكرت قصة أبو الطيب المتنبي عندما طلب من أحد التجار أن يبيعه بطيخة فرفض ذلك التاجر وفي نفس تلك الحظة مرّ رجل يرتدي طربوشاً فناداه البائع وقال له: لقد أرسلت إلى بيتك بطيخة مع الغلام لأنني قدّرت أن هذه البطيخة لا أحد يستحقها غيرك فسأله المتنبي قائلاً: ويحك يا هذا أنا الذي طلبت منك أن أشتري بطيخة فرفضت طلبي وأبو الطربوش لا يريد الشراء ولكنك أجبرته عليه فقال له التاجر: لو بعتك البطيخة فلن تعود لشراء غيرها أما أبو الطربوش هذا فيملك ألف درهم وعندما أرسل له البطيخة وتعجبه فسيشتري باقي البطيخ الذي عندي كله فقلت في نفسي: ما أشبه اليوم بالبارحة رغم اختلاف الزمان والمكان.

كرت زيارة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s