وأخيراً جاء من قدّرني


68d8a984cbca2c4facfab2660e70fbb234bdebca
شاب من البحث الجنائي 

وفي هذه الأثناء، فتح باب الزنزانة شاب وسيم طلبني بالإسم، بعد أن عرّفني بنفسه فقال: أنا أعمل في البحث الجنائي، ووالدي كان معلماً مثلك، وكما أنني لا أقبل أن يهينه أحد، سوف لن أقبل إهانتك. عفواً أستاذي من لا يعرف الصقر يشويه، فوالدي كان قد زرع فينا أن من علمني حرفاً كنت له عبداً، أما شباب هذه الأيام ممن لم يُعلمهم جيل والدي فعلّموا أنفسهم بأنفسهم في غياب معلميهم، فجعلوا: من علمني في الصغر سأذله في الكبر، ثم أكمل هذا الرجل كلامه قائلاً:لقد اتصل إبنك هاتفياً بالمديرية ليسأل عنك، ومن حسن حظي، أنني كنت بالصدفة من ردّ على إتصاله، وفهمت منه قضيتك، وأوصاني بك خيراً، تعال واجلس معنا في غرفة الحارس، ففيها مروحة على الآقل.

241b8e3d89f531d10e270f65
ودخلنا الزنزانة معاً

جلست على سرير الحارس، وأخذ هذا الشاب يُهوّن عليّ الأمر قائلا: كلها ساعات قليلة، ويُدبرون لك سيارة لتنقلك إلى الزرقاء، ومنها إلى عمان، ومنها إلى القويسمة، فهي موقع قضيتك الأصلي، لأن كل سيارات المديرية مشغولة حالياً، فتذكرت في الحال (الكعب الدوار) في الأفلام المصرية القديمة وعلى الفور سألت هذا الشاب: لماذا لا أذهب بنفسي إلى القويسمة مباشرة، وبسيارتي الخاصة لتوفير الوقت والجهد والمال على الدولة؟ وقبل أن يجيبني على سؤالي، كان زملائي المساجين قد عادوا من محاكماتهم، لكن ما فعله هذا الشاب لم يرق لحارس الزنزانة، فقال لي الحارس: هيا التحق بزملائك. ودخلنا معاً، فوجدتهم مكتئبين جميعاً، لأن أحداً منهم لم يُحاكم في ذلك اليوم، بل أجّلت قضاياهم جميعاً إلى موعد آخر.

ليلة في الزنزانة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s