
رغم ظهور المفاجئة وما تلاها من صدمة إلا أنه كان للمدرس قيمة معنوية ومادية لدى جميع طبقات المجتمع في ذلك الوقت فكانت المدارس جميعها تقبل أبناء المدرس مجاناً مهما كان عددهم!وتوفر لهم الزي المدرسي صيفاً وشتاءاً بالمجان مع وجبة إفطار يومية وكان المدرس يختار مدرسة أولاده وعلى الصعيد الشخصي لن أنس في يوم من الأيام أن أخي الأصغر كان قد قُبل في جامعة الكويت لكوني مدرساً في وزارة التربية وفوق ذلك كله كان يُقبل إبن المدرس في الصف الأول الإبتدائي أقل عمراً من الطالب العادي بثلاثة شهور وكانت تُعطى للمدرس رخصة لقبادة السيارة دون إمتحان وإذا وجد هذا الإمتحان فيكون شكلياً فلن أنسى ذلك الشرطي عندما سألني عن مهنتي وعلم أنني مدرساً عندها قال لي يالحرف الواحد: يا أستاذ أنت تمتحن الناس ولا تُمْتَحْن أنت ناجح لا بل أكثر من ذلك فكانوا إذا إرتكب المدرس مخالفة مرورية أو غيرها من المخالفات البسيطة يسامحونه.

وكانت شركات القطاع الخاص الكبيرة تعطي المدرس (خصماً) على جميع مشترياته وتقبل كفالته لنفسه عند الشراء بالأقساط بينما غيره من الموظفين كان يحتاج إلى كفيل لهذا كان يفتخر كل من له قريب أو صديق مدرس لأنه سيساعده على شراء حاجياته حتى الحلاق كان يتفنن في قص شعر المدرس إذا علم ذلك الحلاق أن من يحلق له مدرساً هذا عدا عن أن الوزارة توفر لهذا المدرس وأسرته السكن المفروش الملائم وتعمل على صيانة مرافق هذا السكن على مدار السنة وكانت الوزارة تُوفر لمن يريد من المدرسين وجبة إفطار يومية في المدرسة هذا عدا عن التكريم الذي كان يلقاه من إدارة المدرسة والوزارة وأولياء الأمور المقتدرين مادياً وكان وجوده ضرورياً في كل جاهة أو حفلة أو إجتماع.

ودارت الأيام على المدرسين حتى تولاهم من لا يخاف الله فبعد أن كانت المدارس تسعى خلفهم وتمنحهم مختلف أشكال التكريم المعنوي والمادي أصبحت تتهرب حتى من أبسط إلتزاماتها نحوهم وليس أدل على ذلك مما ترون من كتب الشكر التي إمتلأ بها ملفي الشخصي فيما مضى مما يدلل على عطاء عال في بدايات طريقي المهني إلا أنني لأم أتلق حتى ورقة واحدة أو حتى كلمة شكراً من آخر مدرسة عملت بها خمسة عشر سنة متتالية وهي الكلية العلمية الإسلامية في جبل عمان كنت في قمة عطائي بها بعد أن تراكمت لدي خبرات مختلفة في التعليم حيث حصدت هذه المدرسة كل خبراتي وَشَهِد لِي الجَمِيع بها بالأمانة والإخلاص وَالأَدَاء المُتْقَن والخبرة العالية.

واقع مرير يعيشه المعلم الان
إعجابإعجاب