
الكيد هو الاحتيال في التعاطي مع الأشياء وقد يتصف به أيٌ من الرجل والمرأة على حد سواء بحسب مقتضيات التربية المجتمعية لكل منهما، لكن شيوخنا الأفاضل سامحهم الله كانوا قد ساهموا في تضليل عوام الناس أمثالي عندما أكثروا من ترديد الآية القرآنية: “إن كيدكن عظيم” على مسامع الناس دون أن يوضحوا لهم مناسبة هذه الآية ومتى قيلت، لا بل حرّفوها عن قصد أو غير قصد وحوّلوها إلى: إن كيدهن عظيم، مما جعلني أظن طوال هذه السنين السابقة أن الله خلق المرأة بكيد عظيم دون الرجل.

وبقيت على هذا الحال إلى أن اكتشفت مؤخراً أن الله تعالى لم يقل هذا الكلام بل قاله على لسان عزيز مصر عندما وصف زوجته وزمرتها بالكيد العظيم لأننا لو عدنا إلى الآية الكريمة مرة أخرى لوجدنا أن القائل هو العزيز وذلك عندما رأى قميص يوسف كان قد قُدَّ مِن دُبُر وعرف خيانة زوجته زليخا عندها قَال:إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيم، فلم يثر الدم في عروقه ولم يصرخ ولم يغضب لأن قيم الطبقة الراقية التي وقع فيها الحادث فرضت عليه أن يواجه الموقف بلباقة وتلطف مما جعله ينسب فعلتها تلك إلى كيد النساء عموماً وينسى كيد زوجته عندما رآها عند الباب وأما زوجته فلم تندهش ولم تحتَر في أمرها بل ألبست الذنب كله على يوسف فلم يكتف العزيز بذلك بل تجنى على كل النساء ووصف كيدهن بأنه عظيم.
