
في عام 1966 كنت طالباً في (مدرسة الصلاحية الثانوية) بمدينة (نابلس) في فلسطين، وفي تلك السنة شغر منصب مدير المدرسة فيها آنذاك فقامت مديرية التربية والتعليم بترشيح مُدرّس مادة الفيزياء في ذلك الوقت لهذا المنصب (وكان هذا المدرس يحمل شهادة الماجستير في الفيزياء). وفي الحال وبدون تفكير رفض المدرس قبول هذا المنصب رفضاً قاطعاً، وكانت حجته في ذلك الوقت أنه حصل على شهادة الماجستير في الفيزياء ليكون مدرساً (وليس مديراً يجلس فوق كرسيه طوال اليوم). وبعد إلحاح من الجميع اقتنع هذا المدرس أن يكون مديراً “بالوكالة” ومُدرساً لمادة الفيزياء لصف واحد على الأقل حتى يأتوا بالمدير الأصيل.

أتذكر هذه الحادثة كلما رأيتُ أو سمعتُ أو قرأت عن (طبيب) أو (مهندس) أو (صيدلاني) استطاع (بطريق أو بآخر) الحصول على مقعد جامعي وحرمان طالب آخر (مجتهد عينه بصيرة لكن يده كانت قصيرة) من مقعده ودرس السنوات الطوال، وكلف الدولة الشيء (الفلاني) وبعد تخرجه من الجامعة يُصرّ على أن يصبح (رئيساً لبلدية) أو (عضواً في البرلمان) أو (مديراً لمؤسسة) لا ناقة له فيها ولا جمل. وأصبحنا في هذه الأيام نجد مهندساً يعمل وزيراً للتربية، أو مهندساً يعمل مديراً للتربية، أو صيدلانياً يعمل وزيراً للأشغال، أو مهندساً معمارياً يعمل وزيراً للزراعة، أو طبيباً يعمل رئيساً لبلدية، أو يكون عضواً في البرلمان.
