حل المشكلات عند العرب


ط
يكفي لحل أي مشكلة تغيير اسمها 

لا زلنا نحن العرب على مستوى الأفراد والجماعات، لا بل على مستوى الحكومات والشعوب نؤمن بالحلول “السحرية” للمشكلات، وهذا الاعتقاد والفكر الجديد رسخه في عقولنا حفنة من المتلاعبين بالكلمات، كانوا قد ظهروا في حياتنا اليومية في الماضي كما هو في الحاضر عندما اخترعوا لنا طريقة جديدة من طرق حل المشكلات وهذه الطريقة تقول: يكفي لحل أي مشكلة من مشاكلنا العربية (المستعصية) إعطاؤها اسم جديد. وقد استخدم العرب هذه الطريقة في حياتهم اليومية في السابق والحاضر وكانوا قد حلّوا بها الكثير من مشاكلهم، والأمثلة كثيرة على ذلك أسوق لكم منها القليل. 

941784_495051760570279_1404957873_n
ميدان ومسجد رابعة العدوية في القاهرة

لنبدأ في الحاضر قبل أن نعود إلى الماضي ونغوص فيه، فها هو الكاتب السيد (أحمد رجب) يرى في مقاله المشهور (نص كلمة) الذي يكتبه في صحيفة (أخبار اليوم) المصرية أن كل مشاكل جمهورية مصر العربية ستحل إذا قاموا بتغيير إسم (ميدان ومسجد رابعة العدوية) إلى اسم آخر من أسْماء الصحابة أَو آل البيت فهو يريد بذلك أن يقنعنا بأن “تغيير” الاسم وحده كفيل بحل هذه المشكلة.

imagesRTAU4SXY
سن اليأس 

وهناك من الكتّاب من تلاعب بالكلمات أيضاً، وقام بتغيير أسماء “المحرمات” شرعاً وديناً بأسماء جديدة كي يتقبلها الناس، فاستبدلوا اسم “الخمر” بِـ “المشروبات الروحية”، واستبدلوا اسم “الربا” بِـ “الفائدة”، ولم يقتصر هؤلاء الكتاب على هذين المثالين فقط، بل وصل  بهم الأمر إلى أكثر من ذلك وظلوا يحرّفون في القول إلى  أن وصلوا إلى “المتشبهين بالنساء” فاستبدلوا هذا الاسم بـ “الجنس الثالث” ومنهم من استطاع أن يحل مشكلة “الأعمى” عندما قاموا بتغيير اسمه إلى “البصير” واقتنعوا وأقنعوا أنفسهم بأنهم بذلك يكونون قد حلّوا مشكلة الضرير إلى الأبد. ولم يكتفوا بذلك بل عرجوا في طريقهم إلى المرأة فقاموا بتغيير “سن اليأس” عندها إلى “سن الأمل”.

imagesCTK5JH3D

ولم ينسوا مشكلة التعليم في بلادنا العربية، فقاموا بتغيير اسم “المفتش” إلى “المُوجِه”، ثم انطلقوا إلى مشاكلنا الاجتماعية، فغيّروا  اسم “الحماة” إلى “خالتو” ليقنعونا بأن العلاقة بين الحماة والكنة أصبحت بذلك سمناً على عسل. لم يكتفوا بذلك بل قاموا بحل كثير من مشكلات الدنيا بتغيير أسمائها إلى أن وصلوا بنا إلى الآخرة، فقاموا بتغيير اسم الموت وسموه “عُرْساً” وأقنعوا أنفسهم بأنهم كانوا قد حلّوا مشكلة الموت بهذا التغيير.

untitled
من يرضى عنه المتلاعبون بالكلمات يجعلون منه شهيداً 

ثم ذهبوا بنا إلى أكثر من ذلك، فمن يرضون عنه في الدنيا من الأموات يجعلون منه “شهيداً” أَو “مرحوماً” ويدعون الله أن يُطيّب ثراه، ويطلبون من الناس أن يذكروا محاسنه فقط. وبهذا يمنعون الناس من ذكر سيئاته، وعندما لا توجد له محاسن تذكر يضيفون له من عندهم، وهم بذلك يتناسون أنهم يضعون أنفسهم مكان خالقهم فالله وحده هو الذي يعلم من هو الشهيد، ومن هو المرحوم، وهم بذلك يدّعون على الله ورسوله وعلى الناس أجمعين دون أن يجدوا من يردعهم عن مثل هذا النفاق الإجتماعي الذي بدأ ينتشر في مجتمعنا انتشار النار في الهشيم، لأنهم يعرفون من أين تؤكل الكتف، ويعرفون كذلك من يمدحون ومن يرحمون.

التلاعب بالكلمات

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s