
لا زلنا نحن العرب على مستوى الأفراد والجماعات، لا بل على مستوى الحكومات والشعوب نؤمن بالحلول “السحرية” للمشكلات، وهذا الاعتقاد والفكر الجديد رسخه في عقولنا حفنة من المتلاعبين بالكلمات، كانوا قد ظهروا في حياتنا اليومية في الماضي كما هو في الحاضر عندما اخترعوا لنا طريقة جديدة من طرق حل المشكلات وهذه الطريقة تقول: يكفي لحل أي مشكلة من مشاكلنا العربية (المستعصية) إعطاؤها اسم جديد. وقد استخدم العرب هذه الطريقة في حياتهم اليومية في السابق والحاضر وكانوا قد حلّوا بها الكثير من مشاكلهم، والأمثلة كثيرة على ذلك أسوق لكم منها القليل.

لنبدأ في الحاضر قبل أن نعود إلى الماضي ونغوص فيه، فها هو الكاتب السيد (أحمد رجب) يرى في مقاله المشهور (نص كلمة) الذي يكتبه في صحيفة (أخبار اليوم) المصرية أن كل مشاكل جمهورية مصر العربية ستحل إذا قاموا بتغيير إسم (ميدان ومسجد رابعة العدوية) إلى اسم آخر من أسْماء الصحابة أَو آل البيت فهو يريد بذلك أن يقنعنا بأن “تغيير” الاسم وحده كفيل بحل هذه المشكلة.

وهناك من الكتّاب من تلاعب بالكلمات أيضاً، وقام بتغيير أسماء “المحرمات” شرعاً وديناً بأسماء جديدة كي يتقبلها الناس، فاستبدلوا اسم “الخمر” بِـ “المشروبات الروحية”، واستبدلوا اسم “الربا” بِـ “الفائدة”، ولم يقتصر هؤلاء الكتاب على هذين المثالين فقط، بل وصل بهم الأمر إلى أكثر من ذلك وظلوا يحرّفون في القول إلى أن وصلوا إلى “المتشبهين بالنساء” فاستبدلوا هذا الاسم بـ “الجنس الثالث” ومنهم من استطاع أن يحل مشكلة “الأعمى” عندما قاموا بتغيير اسمه إلى “البصير” واقتنعوا وأقنعوا أنفسهم بأنهم بذلك يكونون قد حلّوا مشكلة الضرير إلى الأبد. ولم يكتفوا بذلك بل عرجوا في طريقهم إلى المرأة فقاموا بتغيير “سن اليأس” عندها إلى “سن الأمل”.
ولم ينسوا مشكلة التعليم في بلادنا العربية، فقاموا بتغيير اسم “المفتش” إلى “المُوجِه”، ثم انطلقوا إلى مشاكلنا الاجتماعية، فغيّروا اسم “الحماة” إلى “خالتو” ليقنعونا بأن العلاقة بين الحماة والكنة أصبحت بذلك سمناً على عسل. لم يكتفوا بذلك بل قاموا بحل كثير من مشكلات الدنيا بتغيير أسمائها إلى أن وصلوا بنا إلى الآخرة، فقاموا بتغيير اسم الموت وسموه “عُرْساً” وأقنعوا أنفسهم بأنهم كانوا قد حلّوا مشكلة الموت بهذا التغيير.
