
في مرحلة المراهقة وما بعدها يميل المراهقون إلى تقليد الرجال في كل شيء، مشيتهم ولباسهم وحركاتهم. وأول ما يتمناه المراهق هو الحصول على محفظة، أما لماذا المحفظة؟ فهي تعني له الكثير الكثير. بالنسبة لي، فقد تأجل موضوع المحفظة إلى أن ذهبت إلى الجامعة. كان مصروفنا كطلاب في ذاك الزمان أقل بكثير من مصروف الطلاب هذه الأيام، فلا يأتي آخر الشهر على الطالب ومعه دينار واحد في جيبه لكنه يجب أن يحمل معه محفظة، فالشاب يعتقد أنه لا تكتمل رجولته إلا بمحفظة فهي التي تجعله يتشبه بأبيه أو بأخيه الأكبر أو بعمه أو بخاله.

في السنة الأولى من دراستي الجامعية أهداني أخي الأكبر محفظة مصنوعة من الجلد الطبيعي غالية الثمن غريبة في عصرها، فكل من كان يراها معي كان يطلب مني تفحصها وكثيرٌ ممن تفحصها كان يطلبها لنفسه، وكنت أعتذر في الحال وأقول:الهدية لا تهدى ولا تباع. وما أن حصلت عليها حتى وضعت الفلوس التي كانت معي والهوية الجامعية بداخلها وأصبحت ترافقني في كل مكان. وجاء آخر الشهر وصرفت ما بها من فلوس وبقيت خالية إلا من الهوية الجامعية فقط وعلى الرغم من ذلك وعلى أمل أن تعود وتمتلئ ثانية في أول الشهر القادم عندما يصل مصروفي الشهري، لكن ظروفاً صعبة كانت قد منعت عني مصروف ذلك الشهر لكنني أبقيت هذه المحفظة معي على أمل أن تتحسن الأمور في الشهر القادم، وجاء الشهر القادم ولم تتحسن الأمور لسبب أو لآخر.
