إذا رأيت رجلاً في هذه الأيام يستحي من الله ومن الناس وأميناً في أداء رسالته وعنده ذمة وضمير في أداء مهنته وصادقاً مع نفسه ومع الناس وعنده غيرة وكرامة على بلده ومقدساته وتراثه وأمته فاعلم أن هذا الرجل ليس من هذا الجيل، لأن هذا الجيل أُغرق حتى أذنيه بالصحافة الإقليمية أحياناً وبالصحافة القُطرية في غالب الأحيان، وبالصحافة العنصرية في معظم الأحيان، فجعلوا منه جيلاً سطحياً تجارياً تسويقياً لا تهمه قومية ولا دين.

ومن أهم الأمثلة على ذلك وزير الزراعة الأردني السابق أحمد آل خطاب الذي أثبت على الملأ أنه لا ينتمي لهذا الجيل بعد أن زار فلسطين وبكى، فعزّ على بعض الإعلاميين أن يروا بأم أعينهم من يذكرهم بفلسطين فشوهوا صورة هذا الرجل وقالوا عنه: أنه بكى على حال الزراعة في فلسطين، وتلقفها الصغار ممن لم يعرفوا فلسطين فقالوا: الأوْلى لهذا الوزير أن يبكي على حال الزراعة بالأردن قبل أن يبكي على حال الزراعة في فلسطين، ونسوا أو تناسوا أن هذا الوزير بكى في الأردن مراراً وتكراراً على الحالة التي وصل إليها العرب قبل أن يبكي في فلسطين.


إلى كل هؤلاء المغرّر بهم أقول: لم يبكِ هذا الوزير المحترم على الزراعة في فلسطين فحسب كما كتبت لكم صحافة الإثارة، بل بكى عندما رأى المعهد (الخضوري) في طولكرم الذي كان قد تخرج منه وهو في عز الشباب عندما كان قد تذكر تلك الحقبة من خلال هذا المعهد الصامد فبكى وأبكى معه الحاضرين. وبكى أيضاً وأبكى معه شعب فلسطين عندما كحّل عينيه برؤية المسجد الأقصى الأسير في بيت المقدس وهو يراه مُقيّداً بالأعلام الإسرائيلية الصهيونية، وبكى هذا الوزير المحترم أيضاً عندما رأى الكرامة العربية والإسلامية المهدورة في مدينة الخليل خليل الرحمن وخاصة عند رفع الأذان من على مآذن الحرم الإبراهيمي، فعلى المؤذن قبل أن يرفع الأذان أن يصطحب معه جنديان من جنود العدو الصهيوني لمرافقته في رحلة الذهاب والإياب من وإلى مآذن الحرم الإبراهيمي.
