قبل أن أكتب لكم عن معاناتنا التي كنا قد عشناها نحن الذين عدنا من الكويت بعد حرب الخليج الثانية من أهلنا وناسنا وعن الجحود والجفاء الذي لاقيناه من إخوتنا وأبناء عمومتنا وأبناء جلدتنا، تردّدتُ كثيراً، وخفتُ أن لا يُؤخذ كلامي في غير موضعه، فيفهمه بعض الناس على أنني أفتح جُرحاً كان قد إندمل، ويُفسّره بعض آخر، بأنني خرجت من جلدي وطعنت في بني وطني، وخفت كذلك أن يفسره البعض منكم بأنني والعياذ بالله أمُنّ على أهلي وبني وطني، فيما كنت قد قدّمت أو ساهمت، فأنا أعتبر أن ما قدّمته كان جُزءَ يسيراً ممّا يجب عليّ أن أقدمه، وأريد من الجميع أن يفهم أن من أكتب عنهم، هم أهلي وناسي أولاً وأخيراً، والظُفر لن يخرج من اللحم مهما توجّع اللحم منه.

إنني أكتب للناس الذين لم يعوا حرب الخليج، لأنهم كانوا أطفالاً صغاراً عندما إندلعت تلك الحرب اللعينة، لكنهم كبروا وترعرعوا فوجدوا أنفسهم فجأة لا يعرفون أعمامهم أو أخوالهم أو أقاربهم، وكان من هؤلاء الأطفال من سأل غيره عن السبب، لكنه ضُلل في الإجابة، ومنهم من لم يُكلف نفسه عناء السؤال، لأنه كان قد وجد أن أقاربه لم يسألوا عنه، فصدّق ما قالت له أمّه: بأنّ أهله لا يصلون أرحامهم.

لا والله يا عمي ما في ولا عيلة متماسكو مع بعضها
إعجابإعجاب