
اتصلت تلفونياً بصديقتها لتخبرها بأنها قادمة في الطريق لزيارتها، فلم تجد في بيتها ما تقدمه لها فطلبت من ولدها أن يذهب إلى البقالة ويحضر لها كمية من المكسرات والفاكهة، فاشترط عليها ابنها أن يذهب بسيارة والده وما كان منها إلا أن رضخت لطلبه هذا وأعطته المفتاح، وقاد سيارة أبيه وفي الطريق تعرّض إلى موقف مفاجئ وقتل إنساناً لا ذنب له. وعندما جاء المعزّون بعدها إلى أهل المتوفي وقالوا لهم: عظم الله أجركم، هذا قضاء الله وقدره. وبهذه الكلمات أعفوا أنفسهم من المسؤولية.

اتصلت بصديقتها تشكو لها مللها من الجلوس الطويل في البيت هي وطفلتها، فعرضت عليها صديقتها أن يذهبا معاً إلى النادي الذي تذهب إليه وأخذت معها كرة صغيرة لتلعب بها ابنتها هناك، وعندما وصلتا أعطت ابنتها الكرة، وتركتها تجري وراءها، وانشغلت مع صديقتها في الحديث. أما الكرة فتدحرجت باتجاه بركة السباحة ولحقتها البنت فسقطت فيها وماتت غرقاً، وجاء المعزون إلى أهلها وقالوا لهم قدر الله وما شاء الله فعل ولم يقولوا شيئاً عن إهمال الأم لابنتها.

حان موعد تناول الدواء للأم وهي تتابع المسلسل التركي، وبعد تناوله نسيت أن ترفعه أو تعيده إلى مكانه وانشغلت الأم بعدها في مكالمة هاتفية، ثم حضرت ابنتها فوجدت الدواء في متناول يدها وبدأت تأكل منه وتحسبه نوعاً من أنواع الحلوى وما هي إلا ساعات قليلة حتى انتقلت إلى رحمة الله. وكالعادة جاء المعزّون إلى أهلها وقالوا أنه قدر الله وما شاء الله فعل، وأعفوا الأم من التقصير والإهمال عندما تركت الدواء بمتناول طفلتها.

استيقظت الأم من نومها صباحاً قبل أطفالها وقامت بفتح الشبابيك والنوافذ لتهوية غرف البيت وتجديد هوائه، وهي تعلم علم اليقين أن هذه الشبابيك دون حراسة، وانشغلت هذه الأم في أعمالها المنزلية اليومية وأطفالها نيام. استيقظت طفلتها الصغيرة فأعجبها منظر الشباك وهو مفتوحٌ، فسحبت كرسياً ووقفت عليه وأطلت برأسها من الشباك فرأت لعبتها قد وقعت على الأرض فتدلّت من الشباك كي تحضرها فسقطت وماتت على الفور، وجاء المعزون وعزوْا الأمر لله وقدره ولن يعزوا الأمر إلى اهمال الأم وتقصيرها في حق أطفالها.

كعادتها في كل شهر، تذهب الأم إلى السوق وتحضر ما تحتاجه من مواد تنظيف طيلة الشهر كله، وبعد أن تصل البيت تقوم بتفريغ ما تحضره في خزانة المجلى في مطبخها، وهي تعلم أنه ليس لهذه الخزانة مفتاح يغلقها، عدا عن أنها سهلة الفتح والإغلاق. انشغلت الأم عن طفلها فجاء وفتح هذه الخزانة وتناول إحدى هذه العلب وشرب منها ظناً منه أنها مواد قابلة للأكل، وما هي إلا ساعات قليلة حتى فارق الحياة، وجاءها المعزون وقالوا قدر الله وما شاء الله فعل ولم يقولوا أن الأم أهملت ووضعت مواد التنظيف في متناول يد طفلها وانشغلت عنه.
