
يُصرّ الكثير من الفقراء منا أن يتجاهلوا المثل العربي الذي يقول (على قد فراشك مد رجليك) ويستبدلونه بمثل عربي آخر يقول (الناس كلهم أولاد تسعة) ليسلكوا سلوك الأغنياء في حياتهم الخاصة وليُظهروا أنفسهم أمام الناس بأنهم من الأغنياء وليُقنعوا أنفسهم (قبل غيرهم) بذلك كلما تعالى عليهم الأغنياء وهذا المثل الأخير لا يُردده الأغنياء كثيراً (بعكس الفقراء) لأن الأغنياء عادة يكونون أكثر واقعية من الفقراء فهم يعتبرونه (ملهاة) للفقراء لا أكثر ولا أقل.

فالأغنياء يعلمون (علم اليقين) أن هناك أناساً خلقوا أغنياء حتى وهم في بطون أمهاتهم وسيبقون كذلك (أغنياء) للأبد هم وأولادهم وأولاد أولادهم وهناك أناساً خلقوا فقراء وسيبقون كذلك (فقراء) للأبد هم وأولادهم وأولاد أولادهم ويعلم الأغنياء أيضاً أن المولود سيحمل إسم والده والآباء درجات في الغنى والفقر لهذا سيبقى إبن الفقير فقيراً وسيبقى إبن الغني غنياً وهم (الأغنياء) يعلمون أيضاً أن المولود سيحمل معه مكان ولادته أيضاً ومكان الولادة هذا سيفرض على صاحبه أن يكون غنياً فمن يولد في المدينة غير الذي يولد في القرية غير الذي يولد في البادية.

وبعد مرحلة الولادة تأتي مرحلة الطفولة ويختلف الأطفال فيها أيضاً فمن الأطفال من يلعب في التراب وفي أحضان الحيوانات ومن الأطفال من يلعب في مدينة ألعاب ثم تأتي مرحلة التعليم ويختلف الناس فيها أيضاً فالمدارس والجامعات مُختلفة منها ما هو للأغنياء ومنها ما هو للفقراء فينضم كل واحد منهم إلى سربه ثم تأتي مرحلة الوظيفة والوظائف أنواع منها ما هو للفقراء ومنها ما هو للأغنياء أيضاً.
